299 - وعن أبي حفص عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد متفق عليه وتطيش تدور في نواحي الصحفة
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه وكان ربيب النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام يأكل فجعلت يده تطيش في الصحفة يعني يمينا وشمالا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك فهذه ثلاثة آداب علمها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الغلام وهي أولا قال سم الله وهذا عند الأكل فعند ابتداء الأكل يجب أن يقول الإنسان بسم الله ولا يحل له أن يتركها لأنه إذا تركها شاركه الشيطان في أكله أعدى عدو له يشاركه في الأكل إذا لم يقل بسم الله ولو زاد الرحمن الرحيم فلا بأس لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم سم الله يعني اذكر اسم الله والتسمية الكاملة هي أن يقول الإنسان بسم الله الرحمن الرحيم كما ابتدأ الله بها كتابه وكما أرسل بها سليمان صلى الله عليه وسلم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فإن اقتصرت على قول بسم الله فلا حرج وإن زدت الرحمن الرحيم فلا حرج الأمر في هذا واسع وأما التسمية على الذبيحة فهي شرط من شروط التذكية إذا لم تسم على الذبيحة فهي حرام ميتة كأنما ماتت بغير ذبح ولكن العلماء يقولون لا ينبغي أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم لأنه الآن يريد أن يذبحها فالفعل ينافي القول بالنسبة لهذه الذبيحة لأنها ستذبح هكذا علل بعض العلماء ولكن لو قالها أيضا فلا حرج الأدب الثاني قوله وكل بيمينك وهذا أمر على سبيل الوجوب فيجب على الإنسان أن يأكل بيمينه وأن يشرب بيمينه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الإنسان بشماله أو أن يشرب بشماله وقال إن الشيطان يفعل هذا فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وقد نهينا عن اتباع خطوات الشيطان قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } ولهذا كان القول الراجح وجوب الأكل باليمين ووجوب الشرب باليمين وأن الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال حرم ثم إن الأكل بالشمال والشرب بالشمال مع كونه من هدى الشيطان فهو أيضا من هدى الكفار لأن الكفار يأكلون بشمائلهم ويشربون بشمائلهم ثم إن بعض الناس إذا كان على الأكل وأراد أن يشرب فإنه يمسك الكأس باليسار ويشرب ويقول أخشى أن تتلوث الكأس إذا شربت باليمين فنقول لتتلوث فإنها إذا تلوثت فإنما تتلوث بطعام ولم تتلوث ببول ولا غائط تلوثت بطعام ثم تغسل وبإمكانك أن تمسك الكأس من الأسفل بين إبهامك والسبابة وتجعلها كالحلقة ولا يتلوث منه إلا شيء يسير ولا عذر لأحد بالشرب بالشمال من أجل هذا لأن المسألة على سبيل التحريم والحرام لا يجوز إلا عند الضرورة والضرورة مثل أن تكون اليد اليمنى شلاء لا يمكن أن يرفعها إلى فيه أو مكسورة لا يمكن أن يرفعها إلى فيه فهذه ضرورة أو تكون متجرحة لا يمكن أن يأكل بها أو يشرب المهم إذا كان هناك ضرورة فلا بأس باليسار وإلا فلا يحل للمسلم أن يأكل باليسار ولا أن يشرب باليسار الأدب الثالث قوله وكل مما يليك يعني لا تأكل من حافة غيرك بل كل من الذي يليك لأنك إذا اعتديت على حافة غيرك فهذا سوء أدب فكل من الذي يليك إلا إذا كان الطعام أنواعا مثل أن يكون هناك لحم في غير الذي يليك فلا بأس أن تأكل أو يكون هناك قرع أو ما أشبه ذلك مما يقصد فلا بأس أن تأكل من الذي لا يليك لأن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يتتبع الدباء من حوالي القصعة الدباء القرع يتتبعه يعني يلقطه من على الصحفة ليأكله هذا لا بأس به .
وفي هذا الحديث من الفوائد أنه يجب على الإنسان أن يؤدب أولاده على كيفية الأكل والشرب وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ربيبه وفي هذا حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه لأنه لم يزجر هذا الغلام حين جعلت يده تطيش في الصحفة ولكن علمه برفق وناداه برفق يا غلام سم الله وكل بيمينك وليعلم أن تعليم الصغار لمثل هذه الآداب لا ينسى يعني أن الطفل لا ينسى إذا علمته وهو صغير لكن إذا كبر ربما ينسى إذا علمته وربما يتمرد عليك بعض الشيء إذا كبر لكن مادام صغيرا وعلمته يكون أكثر إقبالا ومن اتقى الله في أولاده اتقوا الله فيه ومن ضيع حق أولاده ضيعوا حقه إذا احتاج إليهم
300 -