266 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله رواه مسلم وفي رواية في الصحيحين عن أبي هريرة من قوله بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء
الشَّرْحُ
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شر الطعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعي إليها من يأباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله قوله عليه الصلاة والسلام شر الطعام الوليمة يحتمل أن يكون المراد بالوليمة هنا وليمة العرس ويحتمل أن يكون أعم وأن المراد بالوليمة كل ما دعي إلى الاجتماع إليه من عرس أو غيره وسيأتي بيان ذلك في الأحكام إن شاء الله ثم فسر هذه الوليمة التي طعامها شر الطعام وهي التي يدعي إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها يعني يدعي إليها الأغنياء والغني لا يحرص على الحضور إذا دعي لأنه مستغن بماله ويمنع منها الفقراء والفقير هو الذي إذا دعي أجاب فهذه الوليمة ليست وليمة مقربة إلى الله لأنه لا يدعي إليها من هم أحق بها وهم الفقراء بل يدعي إليها الأغنياء أما الوليمة من حيث هي ولاسيما وليمة العرس فإنها سنة مؤكدة قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف أولم ولو بشاة فأمره بالوليمة قال ولو بشاة يعني ولو بشيء قليل والشاة قليلة بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لأنه من الأغنياء وقوله عليه الصلاة والسلام ومن لم يجب فقد عصي الله ورسوله يدل على أن إجابة دعوة الوليمة واجبة لأنه لا شيء يكون معصية بتركه إلا وهو واجب ولكن لابد فيها من شروط الشروط الأول أن يكون الداعي مسلما فإن لم يكن مسلما لم تجب الإجابة ولكن تجوز الإجابة لاسيما إذا كان في هذا مصلحة يعني لو دعاك كافر إلى وليمة عرسه فلا بأس أن تجيب لاسيما إن كان في ذلك مصلحة كتأليفه إلى الإسلام وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يهوديا دعاه في المدينة فأجابه وجعل له خبزا من الشعير وإهالة سنخة يعني ودكا قديما متغيرا وأما اشتراط العدالة يعني اشتراط أن يكون الداعي عدلا فليس بشرط فتجوز إجابة دعوة الفاسق إذا دعاك مثل أن يدعوك إنسان قليل الصلاة مع الجماعة أو حليق اللحية أو شارب دخان فأجبه كما تجيب من كان سالما من ذلك لكن إن كان عدم الإجابة يفضي إلى مصلحة بحيث يخجل هذا الداعي ويترك المعصية التي كان يعتادها حيث الناس لا يجيبون دعوته فلا تجب دعوته من أجل مصلحته أما إذا كان لا يستفيد سواء أجبته أو لم تجبه فأجب الدعوة لأنه مسلم الشرط الثاني أن يكون ماله حالا فإن كان ماله حراما كالذي يكتسب ماله بالربا فإنه لا تجب إجابته لأن ماله حرام والذي ماله حرام ينبغي للإنسان أن يتورع عن أكل ماله ولكنه ليس بحرام يعني لا يحرم عليك أن تأكل من مال من كسبه حرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود وهم يأكلون الربا يأخذونه ويتعاملون به لكن الورع أن لا تأكل ممن ماله حرام أما إذا كان في ماله حرام يعني ماله مختلط يتجر تجارة حلالا ويكتسب كسبا محرما فلا بأس من إجابته ولا تتورع عن ماله لأنه لا يسلم كثير من الناس اليوم من أن يكون في ماله حرام فمن الناس من يغش فيكتسب من حرام ومنهم من يرابي في بعض الأشياء ومنهم الموظفون وكثير من الموظفين لا يقومون بواجب وظيفتهم فتجده يتأخر عن الدوام أو يتقدم فيخرج قبل وقت انتهاء الدوام وهذا ليس راتبه حلالا بل إنه يأكل من الحرام بقدر ما نقص من عمل الوظيفة لأنه ملتزم بالعقد مع الحكومة مثلا أنه يقوم بوظيفته من كذا إلى كذا فلو فتشت الناس اليوم لوجدت كثيرا منهم يكون في ماله دخن من الحرام الشرط الثالث ألا يكون في الدعوة منكر فإن كان في الدعوة منكر فإنه لا تجب الإجابة مثل لو علمت أنهم سيأتون بمغنيين أو عندهم شيش يشربها الحاضرون أو عندهم شراب دخان فلا تجب إلا إذا كنت قادرا على تغيير هذا المنكر فإنه يجب عليك الحضور لسببين السبب الأول إزالة المنكر والسبب الثاني إجابة الدعوة أما إذا كنت ستحضر ولكن لا تستطيع تغيير المنكر فإن حضورك حرام الشرط الرابع أن يعين المدعو ومعنى يعينه أن يقول يا فلان أدعوك إلى حضور وليمة العرس فإن لم يعينه بأن دعا دعوة عامة في مجلس فقال يا جماعة عندنا حفل زواج ووليمة عرس فاحضروا فإنه لا يجب عليك أن تحضر لأنه دعا دعوة عامة وما نص عليك فلابد أن يعينه فإن لم يعينه فإنها لا تجب ثم إنه ينبغي للإنسان أن يجيب كل دعوة لأن من حق المسلم على أخيه أن يجيب دعوته إلا إذا كان في امتناعه مصلحة راجحة فليتبع المصلحة
267 -