باب الإصلاح بين الناس
قال الله تعالى { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } وقال & تعالى { والصلح خير } وقال تعالى { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } وقال تعالى { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم }
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب الإصلاح بين الناس الإصلاح بين الناس هو أن يكون بين شخصين مع معاداة وبغضاء فيأتي رجل موفق فيصلح بينهما ويزيل ما بينهما من العداوة والبغضاء وكلما كان الرجلان أقرب صلة بعضهما من بعض فإن الصلح بينهما أوكد يعني أن الصلح بين الأب وابنه أفضل من الصلح بين الرجل وصاحبه والصلح بين الأخ وأخيه أفضل من الصلح بين العم وابن أخيه وهكذا كلما كانت القطيعة أعظم كان الصلح بين المتباغضين وبين المتقاطعين أكمل وأفضل وأوكد .
واعلم أن الصلح بين الناس من أفضل الأعمال الصالحة قال الله عز وجل لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس أي إلا نجوى من أمر بصدقة .
والنجوى الكلام الخفي بين الرجل وصاحبه فأكثر المناجاة بين الناس لا خير فيها إلا من أمر بصدقة أو معروف .
والمعروف كل ما أمر به الشرع يعني أمر بخير { أو إصلاح بين الناس } بين الرجل وصاحبه مفسدة فيأتي شخص موفق فيصلح بينهما ويزيل ما بين الرجل وصاحبه من العداوة والبغضاء ثم قال تعالى { ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما } فبين سبحانه في هذه الآية أن الخير حاصل فيمن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس فهذا خير حاصل لا شك فيه أما الثواب فقال { ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما } فأنت يا أخي المسلم إذا رأيت بين شخصين عداوة وبغضاء وكراهة فاحرص على أن تسعى بينهما بالصلح حتى لو خسرت شيئا من مالك فإنه مخلوف عليك ثم أعلم أن الصلح يجوز فيه التورية أي أن تقول لشخص إن فلانا لم يتكلم فيك بشيء إن فلانا يحب أهل الخير وما أشبه ذلك أو تقول فلان يحبك إن كنت من أهل الخير وتضمر في نفسك جملة إن كنت من أهل الخير لأجل أن تخرج من الكذب وقال الله عز وجل { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير } هذه جملة عامة { الصلح خير } في جميع الأمور .
ثم قال تعالى { وأحضرت الأنفس الشح } إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له عند الإصلاح أن يتنازل عما في نفسه وأن لا يتبع نفسه لأنه إذا اتبع نفسه فإن النفس شحيحة ربما يريد الإنسان أن يأخذ بحقه كاملا وإذا أراد الإنسان أن يأخذ بحقه كاملا فإن الصلح يتعذر لأنك إذا أردت أن تأخذ بحقك كاملا وأراد صاحبك أن يأخذ بحقه كاملا لم يكن إصلاحا .
لكن إذا تنازل كل واحد منكما عما يريد وغلب شح نفسه فإنه يحصل الخير ويحصل الصلح وهذا هو الفائدة من قوله تعالى { وأحضرت الأنفس الشح } بعد قوله { والصلح خير } وقال تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } فأمر الله عز وجل بالإصلاح بين المتقاتلين من المؤمنين .
المهم أن الإصلاح كله خير فعليك يا أخي المسلم إذا رأيت شخصين متنازعين متباغضين متعاديين أن تصلح بينهما لتنال الخير الكثير وابتغ في ذلك وجه الله وإصلاح عباد الله حتى يحصل لك الخير الكثير كما قال تعالى { ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما } أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصالحين المصلحين .
248 -