198 - وعن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه متفق عليه قوله تندلق هو بالدال المهملة ومعناه تخرج و الأقتاب الأمعاء واحدها قطب
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع عليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تك تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه فهذا الحديث فيه التحذير الشديد من الرجل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويخلف قوله فعله يقول يؤتى بالرجل يوم القيامة أي تأتي به الملائكة فيلقى في النار إلقاء لا يدخلها برفق ولكنه يلقى فيها كما يلقى الحجر في اليم فتندلق أقتاب بطنه يعني أمعاءه الأقتاب جمع قتب وهو المعي ومعنى تندلق تخرج من بطنه من شدة الإلقاء والعياذ بالله فيدور به كما يدور الحمار في الرحا وهذا التشبيه للتقبيح شبهه بالحمار الذي يدور على الرحا وصفة ذلك أنه في المطاحن القديمة قبل أن توجد هذه الآلات والمعدات الحديدية كان يجعل حجران كبيران وينقشان فيما بينهما أي ينقران ويوضع للأعلى منهما فتحة تدخل فيها الحبوب وفيها خشبة تربط بمتن الحمار ثم يستدير على الرحا وفي استدارته تطحن الرحا فهذا الرجل الذي يلقى في النار على أمعائه والعياذ بالله كما يدور الحمار على رحاه فيجتمع إليه أهل النار فيقولون له ما لك أي شيء جاء بك إلى هنا وأنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول مقرا على نفسه كنت آمر بالمعروف ولا آتيه يقول للناس صلوا ولا يصلي ويقول لهم زكوا أموالكم ولا يزكي ويقول بروا الوالدين ولا يبر والديه وهكذا يأمر بالمعروف ولكنه ولا يأتيه وأنهى عن المنكر وآتيه يقول للناس لا تغتابوا الناس لا تأكلوا الربا لا تغشوا في البيع لا تسيئوا العشرة لا تسيئوا الجيرة وما أشبه ذلك من الأشياء المحرمة التي ينهى عنها ولكنه يأتيها والعياذ بالله يبيع بالربا ويغش ويسئ العشرة ويسئ إلى الجيران وغير هذا فهو بذلك يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه نسأل الله العافية فيعذب هذا العذاب ويخزى هذا الخزي فالواجب على المرء أن يبدأ بنفسه فيأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر لأن أعظم الناس حقا عليك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسك
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ...
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ابدأ بها ثم حاول نصح إخوانك وأمرهم بالمعروف وانههم عن المنكر لتكون صالحا مصلحا نسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصالحين إنه جواد كريم
باب الأمر بأداء الأمانة