189 - السادس عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي يليها فقلت يا رسول الله أنهك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث متفق عليه
الشَّرْحُ
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها محمرا وجهه يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب دخل عليها بهذه الصفة متغير اللون محمر الوجه يقول لا إله إلا الله تحقيقا للتوحيد وتثبيتا له لأن التوحيد هو القاعدة الذي تبنى عليها جميع الشريعة قال الله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وقال تعالى { وما أرسلنا من قبلك رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } فتوحيد الله بالعبادة والمحبة والتعظيم والإنابة والتوكل والاستعانة والخشية وغير ذلك هو أساس الملة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لا إله إلا الله في هذه الحال التي كان فيها فزعا متغير اللون تثبيتا للتوحيد وتطمينا للقلوب ثم حذر العرب فقال ويل للعرب من شر قد اقترب وحذر العرب لأن العرب هم حاملوا لواء الإسلام فالله تعالى بعث محمد صلى الله عليه وسلم في الأميين في العرب { يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم } فبين النبي عليه الصلاة والسلام هذا الوعيد للعرب لأنهم حاملوا لواء الإسلام وقوله من شر قد اقترب الشر هو الذي يحصل بيأجوج ومأجوج ولهذا فسره بذلك فقال فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وأشار بالسبابة والإبهام يعني أنه جزء ضعيف ومع ذلك فإنه يهدد العرب فالعرب الذين حملوا لواء الإسلام من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا مهددون من قبل يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض كما حكى تعالى عن ذي القرنين أنه قيل له { إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض } فهم أهل الشر وأهل الفساد ثم قالت زينب يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث الصالح لا يهلك وإنما هو سالم ناج لكن إذا كثر الخبث هلك الصالحون لقوله تعالى { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب } والخبث هنا يراد به شيئان الأول الأعمال الخبيثة والثاني البشر الخبيث فإذا كثرت الأعمال الخبيثة السيئة في المجتمع ولو كانوا مسلمين فإنهم عرضوا أنفسهم للهلاك وإذا كثر فيهم الكفار فقد عرضوا أنفسهم للهلاك أيضا ولهذا حذر النبي عليه الصلاة والسلام من بقاء اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب حذر من ذلك فقال أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب وقال في مرض موته أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وفي آخر حياته لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما هكذا صح عنه عليه الصلاة والسلام ومع الأسف الشديد الآن تجد الناس كأنما يتسابقون إلى جلب اليهود والنصارى والوثنيين إلا بلادنا للعمالة ويدعى بعضهم أنهم أحسن من المسلمين نعوذ بالله من الخذلان وانتكاس الفطرة هكذا يلعب الشيطان بعقول الناس حتى يفضل الكافر على المؤمن والله عز وجل يقول { ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون } فالحذر الحذر من استجلاب اليهود والنصارى والوثنين من والبوذيين وغيرهم إلى هذه الجزيرة لأنها جزيرة إسلام منها بدأ وإليها يعود فكيف نجعل هؤلاء الخبث بين أظهرنا وفي أولادنا وفي أهلنا وفي مجتمعنا هذا مؤذن بالهلاك ولابد ولهذا من تأمل أحوالنا اليوم وقارن بينها وبين أحوالنا بالأمس وجد الفرق الكبير ولولا الناشئة الطيبة التي من الله عليها بالالتزام والتي نسأل الله أن يثبتها عليه لولا هذا لرأيت شرا كثيرا ولكن لعل الله أن يرحمنا بعفوه ثم بهؤلاء الشباب الصالح الذين لهم نهضة طيبة أدام الله عليهم فضله وأعاذنا وإياهم من الشيطان الرجيم
190 -