137 - الحادي والعشرون: عن أبي المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه قال كان رجل لا أعلم رجلا أبعد من المسجد منه وكان لا تخطئه صلاة فقيل له أو فقلت له لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء ؟ فقال ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع الله لك ذلك كله رواه مسلم .
وفي رواية إن لك ما احتسبت الرمضاء الأرض التي أصابها الحر الشديد .
الشَّرْحُ
هذا الحديث يتعلق بما قبله من الأحاديث الدالة على كثرة الخير وأن طرق الخير كثيرة ومنها الذهاب إلى المساجد وكذلك الرجوع منها إذا احتسب الإنسان ذلك عند الله تعالى فهذا الحديث الذي ذكره المؤلف - رحمه الله - في قصة الرجل الرجل الذي كان له بيت بعيد عن المسجد وكان يأتي إلى المسجد من بيته من بعد يحتسب الأجر على الله قادما إلى المسجد وراجعا منه فقال له بعض الناس لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء والرمضاء يعني في الليل حين الظلام في صلاة العشاء وصلاة الفجر أو في الرمضاء أي في أيام الحر الشديد ولا سيما في الحجاز فإن جوها حار فقال رضي الله عنه ما يسرني أن بيتي إلى جنب المسجد .
عني أنه مسرور بأن بيته بعيد عن المسجد يأتي إلى المسجد بخطى ويرجع منه بخطى وهو لا يسره أن يكون بيته قريبا من المسجد لأنه لو كان قريبا لم تكتب له تلك الخطى وبين أنه يحتسب أجره على الله عز وجل قادما إلى المسجد وراجعا منه فقال صلى الله عليه وسلم إن له ما احتسب .
ففي هذا دليل على أن كثرة الخطى إلى المساجد من طرق الخير وأن الإنسان إذا احتسب الأجر على الله كتب الله له الأجر حال مجيئه إلى المسجد وحال رجوعه منه .
ولا شك أن للنية أثرا كبيرا في صحة الأعمال وأثرا كبيرا في ثوابها وكم من شخصين يصليان جميعا بعضهما إلى جنب بعض ومع ذلك يكون بينهما في قدر الثواب مثل ما بين السماء والأرض وذلك بصلاح النية وحسن العمل فكلما كان الإنسان أصدق إخلاصا لله وأقوى اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثرا أجرا وأعظم مثوبة عند الله عز وجل .