103 - التاسع: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فأطال القيام حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به ؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه .
متفق عليه .
104 - العاشر: عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يتبع الميت ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد: يرجع أهله وماله، ويبقى عمله متفق عليه .
الشَّرْحُ
قال المؤلف - رحمه الله - فيما نقله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه - وكان رضي الله عنه أحد الذين يخدمون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
صاحب وسادته وسواكه رضي الله عنه، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فأطال القيام، وقد سبق من حديث عائشة أنه كان صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتفطر قدماه، أو حتى تتورم .
تتفطر أحياناً وتتورم أحياناً من طول القيام، وصح من حديث حذيفة أنه قرأ في ركعة واحدة بثلاث سور من طوال السور، البقرة، والنساء، وآل عمران .
وكذلك ابن مسعود رضي الله عنه صلى معه ذات ليلة فأطال النبي صلى الله عليه وسلم القيام فهم بأمر سوء يعني: بأمر ليس يسر المرء فعله، قال: بما هممت يا أبا عبد الرحمن ؟ قال هممت أن أجلس وأدعه، يعني أجلس وأدعه قائماً لأن ابن مسعود تعب وأعيا مع أنه شاب والنبي عليه الصلاة والسلام لم يتعب لأنه عليه الصلاة والسلام كان أشد الناس عبادة لله عز وجل وأتقاهم لله، ففي هذا دليل على أنه من السنة أن يقوم الإنسان في الليل ويطيل القيام، وأنه إذا فعل ذلك فهو مقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولكن اعلم أنك إذا أطلت القيام فإن السنة أن تطيل الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين والوقوف بعد الركوع، فإن من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان يجعل صلاة متناسبة، إذا أطال القيام أطال بقية الأركان، وإذا خفف القيام خفف بقية الأركان .
ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يتبع الميت ثلاثة: ماله وأهله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد صدق النبي صلى الله عليه وسلم .
الإنسان إذا مات تبعه المشيعون له فيتبعه أهله يشيعونه إلى المقبرة، وما أعجب الحياة الدنيا وأخسها، وما أدناها، يتولى دفنك من أنت أحب الناس إليه، يدفنوك ويبعدونك عنهم، ولو أنهم أعطوا أجرة على أن تبقى جسداً بينهم ما رضوا، فأقرب الناس إليك وأنت أحب الناس إليهم، هم الذي يتولون دفنك، يتبعونك ويشيعونك .
ويتبعه ماله: أي عبيده وخدمه المماليك له، وهذا يمثل الرجل الغني الذي له عبيد وخدم مماليك، يتبعونه، ويتبعه عمله معه فيرجع اثنان ويدعونه وحده ولكن يبقى معه عمله نسأل الله أن يجعل عملنا وإياكم صالحاً، فيبقى عمله عنده أنيسه في قبره ينفرد به إلى يوم القيامة .
وفي هذا الحديث دليل على أن الدنيا ..
..
.
كل زينة الحياة الدنيا ترجع ولا تبقى معك في قبرك، المال والبنون زينة الحياة الدنيا ترجع، من الذي يبقى ؟ ..
.
فقط العمل .
فعليك يا أخي أن تحرص على الصاحب الذي يبقى ولا ينصرف مع من ينصرف، وعليك أن تجتهد حتى يكون عملك عملاً صالحاً يؤنسك في قبرك إذا انفردت به عن الأحباب والأهل والأولاد .
ومناسبة هذا الحديث للباب ظاهرة، لأن كثرة العمل يوجب مجاهدة النفس، فإن الإنسان يجاهد نفسه على الأعمال الصالحة التي تبقى بعد موته، نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة والعافية، وأن يتولانا بعنايته ورعايته .
إنه جواد كريم .