81 - الثامن: عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه وهو وأبوه وأمه صحابة رضي الله عنهم قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رءوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما متفق عليه
الشَّرْحُ
قوله: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما أي: ما ظنك هل أحد يقدر عليهما أو ينالهما بسوء ؟ وهذه القصة كانت حينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جهر بالدعوة ودعا الناس وتبعوه وقام المشركين وقاموا ضد دعوته وضايقوه وآذوه بالقول وبالفعل فأذن الله له بالهجرة من مكة إلى المدينة فهاجر عليه الصلاة والسلام على رأس ثلاث عشرة سنة من مبعثه فهاجر من مكة إلى المدينة ولم يصحبه إلا أبو بكر رضي الله عنه والدليل والخادم ولما سمع المشركون بخروجه من مكة جعلوا لمن جاء به مائتي بعير ولمن جاء بأبي بكر مائة بعير وصار الناس يطلبون الرجلين في الجبال وفي الأودية وفي المغارات وفي كل مكان حتى وقفوا على الغار الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهو غار ثور الذي اختفيا فيه ثلاث ليال حتى يبرد عنهما الطلب فقال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا لأننا في الغار تحته فقال ما ظنك باثنين الله ثالثهما وفي كتاب الله لا تحزن إن الله معنا فيكون قال الأمرين كلاهما فقوله ما ظنك باثنين الله ثالثهما هل أحد يقدر عليهما أو غير ذلك جـ: والجواب لا أحد يقدر لأنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطى لما منع ولا مذل لمن أعز ولا معز لمن أذل { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } وفي هذه القصة: دليل على كمال توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه وأنه معتمد عليه ومفوض إليه أمره وهذا هو الشاهد من وضع هذا الحديث في باب اليقين والتوكل وفيه: دليل على أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة فما يوجد في بعض التواريخ أن العنكبوت نسجت على باب الغار وأنه نبت فيه شجرة وأنه كان على غصنها حمامة وأن المشركين لما جاءوا إلى الغار قالوا: هذا ليس فيه أحد فهذه الحمامة على غصن شجرة على بابه وهذه العنكبوت قد عششت على بابه كل هذا لا صحة له لأن الذي منع المشركين من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر ليست أمورا حسية تكون لهما ولغيرهما بل هي أمور معنوية وآية من آيات الله عز وجل حجب الله أبصار المشركين عن رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام وصاحبه أبي بكر والله الموفق