23 - وعن ابن عباس وأنس بن مالك رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب متفق عليه .
24 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله سبحانه وتعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهد متفق عليه .
الشَّرْحُ
هذان الحديثان في بيان التوبة وأن من تاب تاب الله عليه مهما عظم ذنبه لأن الله تعالى قال في كتابه والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما فالحديث الأول عن ابن عباس ومعناه أن ابن آدم لن يشبع من المال ولو كان له واد واحد لابتغى أي طلب أن يكون له واديان ولا يملأ جوفه إلا التراب وذلك إذا مات ودفن وترك الدنيا وما فيها حينئذ يقتنع لأنها فاتته ولكن مع ذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على التوبة لأن الغالب أن الذي يكون عنده طمع في المال أنه لا يحترز من الأشياء المحرمة من الكسب المحرم ولكن دواء ذلك بالتوبة إلى الله ولذلك قال { ويتوب الله على من تاب } فمن تاب من سيئاته ولو كانت هذه السيئات مما يتعلق بالمال فإن الله يتوب عليه وأما الحديث الثاني فهو عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين ..
.
الحديث .
وسبب ضحك الله أنه كان بينهما تمام العداوة في الدنيا حتى إن أحدهما قتل الآخر فقلب الله هذه العداوة التي في قلب كل واحد منهما وأزال ما في نفوسهما من الغل لأن أهل الجنة يطهرون من الغل والحقد كما قال الله في وصفهم { إخوانا على سرر متقابلين } وقال قبلها { ونزعنا ما في صدورهم من غل } فهذا وجه العجب من هذين الرجلين .
ففيه دليل على أن الكافر إذا تاب من كفره ولو كان قد قتل أحداً من المسلمين فإن الله تعالى يتوب عليه لأن الإسلام يهدم ما قبله .
3- باب الصبر