10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعاً وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه متفق عليه، وهذا لفظ مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم: ينهزه هو بفتح الياء والهاء وبالزاي: أي يخرجه وينهضه .
الشَّرْحُ
معنى الحديث: أنه إذا صلى الإنسان في المسجد مع الجماعة كانت هذه الصلاة أفضل من الصلاة في بيته أو في سوقه سبعاً وعشرين مرة لأن الصلاة مع الجماعة قيام بما أوجب الله من صلاة الجماعة .
فإن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة فرض عين وأنه يجب على الإنسان أن يصلي مع الجماعة في المسجد لأحاديث وردت في ذلك ولما أشار إليه الله سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك فأوجب الله الجماعة في حال الخوف فإذا أوجبها في حال الخوف ففي حال الأمن من باب أولى وأحرى .
ثم ذكر السبب في ذلك بأن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء ثم خرج من بيته إلى المسجد لا ينهزه أو لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة سواء أقرب مكانه من المسجد أم بعد، كل خطوة يحصل به فائدتان: الفائدة الأولى: أن الله يرفعه بها درجة .
والفائدة الثانية: أن الله يحط عنه بها خطيئة وهذا فضل عظيم .
وقوله: فإنه في صلاة ما انتظر الصلاة وهذه أيضاً نعمة عظيمة لو بقيت منتظراً للصلاة مدة طويلة وأنت جالس لا تصلي بعد أن صليت تحية المسجد وما شاء الله فإنه يحسب لك أجر الصلاة لا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة وهناك أيضاً شيء رابع: أن الملائكة تصلي عليه مادام في مجلسه الذي صلى فيه تقول اللهم صل عليه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه وهذا أيضاً فضل عظيم لمن حضر بهذه النية وبهذه الأفعال .
والشاهد من هذا الحديث قوله: ثم خرج من بيته إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة فإنه يدل على اعتبار النية في حصول هذا الأجر العظيم .
أما لو خرج من بيته لا يريد الصلاة فإنه لا يكتب له هذا الأجر مثل أن يخرج إلى دكانه لما أذن ذهب يصلي فإنه لا يحصل على هذا الأجر لأن الأجر إنما يحصل لمن خرج من البيت لا يخرجه إلا الصلاة .
لكن ربما يكتب له الأجر من حين أن ينطلق من دكانه أو من مكان بيعه وشرائه إلى أن يصل إلى المسجد ما دام انطلق من هذا المكان وهو على طهارة والله الموفق .