يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)
وقلنا: ساعة ينادي الحق عباده الذين آمنوا به يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ} ، فمعناها: يا من آمنتم بي بمحض اختياركم، وآمنتم بي إلهاً له كل صفات العلم والقدرة
والإرادة والحكمة والقيومية، ما دمتم قد آمنتم بهذا الإله اسمعوا من الإله الأحكامَ التي يطلبها منكم.
إذن فهو لم يناد غير مؤمن
وإنما نادى من آمن باختياره وبترجيح عقله فالحق يقول:
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين} [البقرة: 256] .
يريد الحق سبحانه وتعالى أن يعالج قضية تتعلق بالنساء وباستضعافهم.
لقد جاء الإسلام والنساء في الجاهلية في غَبْن وظلم وحيف عليهن. - وسبحانه - قال:
{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً} وكلمة «ورث» تدل على أن واحداً قد توفي وله وارث، وهناك شيء قد تركه الميت ولا يصح أن يرثه أحدٌ بعده؛ لأنه عندما يقول: {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ} ، فقد مات موّرث؛ ويخاطب وارثاً. إذن فالكلام في الموروث، لكن الموروث مرة يكون حِلاً، ولذلك شرع الله تقسيمه، وتناولناه من قبل، لكن الكلام هنا في متروك لا يصح أن يكون موروثاً، ما هو؟
قال سبحانه: {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً} ، وهل المقصود ألا يرث الوارث من مورثه إماء تركهن؟ لا. إن الوارث يرث من مورثه الإماء اللاتي تركهن، ولكن عندما تنصرف كلمة «النساء» تكون لأشرف مواقعها أي للحرائر، لأن الأخريات تعتبر الواحدة منهن ملك يمين، {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً} ، وهل فيه ميراث للنساء برضى؟ وكيف تورث المرأة؟
ننتبه هنا إلى قوله سبحانه «كرها» ، وكان الواقع في الجاهلية أن الرجل إذا مات
(4/2078)
وعنده امرأة جاء وليه، ويلقي ثوبه على امرأته فتصير ملكا له، وإن لم تقبل فإنه يرثها كرها، أو إن لم يكن له هوى فيها فهو يحبسها عنده حتى تموت ويرثها، أو يأتي واحد ويزوجها له ويأخذ مهرها لنفسه؛ كأنه يتصرف فيها تصرف المالك؛ لذلك جاء القول الفصل:
{لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} ، و «العضل» في الأصل هو المنع، ويقال: «عضلت المرأة بولدها» ، ذلك أصل الاشتقاق بالضبط.
فالمرأة ساعة تلد
فمن فضل الله عليها أن لها عضلات تنقبض وتنبسط،
تنبسط فيتسع مكان خروج الولد،