1075 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب وجوب المحافظة على الصلوات والتحذير من إضاعتها الصلوات خمس كتبهن الله عز وجل على عباده في كل يوم وليلة لقوله تبارك وتعالى حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يخفف عن العباد قال هن خمس في الفعل خمسون في الميزان وسأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل عن الإسلام ومنه الصلوات فذكر له خمس صلوات قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تتطوع وأرسل معاذا إلى اليمن وقال أخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة وقد أمر الله بالمحافظة عليها فقال حافظوا على الصلوات والصلوات الوسطى خصها لما لها من المزية والفضل والمراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر فسرها بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بكتاب الله وبمراده ولا قول لأحد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم وقال تعالى {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} وليت المؤلف جاء بالآية الأخرى {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} لأن هذه الآية تدل على أن لم يقم الصلاة فهو كافر ثم ذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها يعني على الوقت المطلوب شرعا إن كان مما يطلب تقديمه فتقديمه أفضل وإن كان مما يطلب تأخيره أفضل والصلوات الخمس كلها الأفضل فيها التقديم إلا العشاء فالأفضل فيها التأخير ما لم يشق على الناس وإلا الظهر في شدة الحر فالأفضل فيها التأخير تيسيرا على الناس وتخفيفا عليهم أما الفجر والعصر والمغرب فالأفضل فيها التعجيل على كل حال لكن قال العلماء رحمهم الله من قام حين يسمع النداء يتوضأ ويتأهب للصلاة فهذا تقديم يعني ليس المعنى أنه من حين يؤذن نصلي المهم أن تستعد للصلاة من أول وقتها قال ابن مسعود ثم أي قال صلى الله عليه وسلم بر الوالدين يعني الإحسان إليهما بالقول والمال والخدمة وغير ذلك قال ثم أي قال الجهاد في سبيل الله قال ابن مسعود ولو استزدته لزادني يعني لو طلب زيادة ثم أي ثم أي لزاده النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك بناء على ما عرفه من قرينه الحال وفي الحديث دليل على إثبات المحبة لله عز وجل وأنه يحب الأعمال كما يحب العاملين وأن حبه يتفاوت سبحانه وتعالى وفيه أن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله واجبه على واجبه وتطوعه على تطوعه فمثلا إذا كان الوالدان ليس عندهما من يعولهما ولا من يخدمهما وهما في ضرورة للولد فإنه يجب عليه أن يبقى ولا يجاهد وإذا كان عندهم من يقوم بخدمتهما وأمرهما فهذا بقاؤه عندهما مستحب ثم الجهاد وإذا احتاج إليه كان أفضل وإن لم يحتج إليه فبر الوالدين أفضل والله أعلم بالنسبة لصلاة الفجر المعروف أن التوقيت الذي يعرفه الناس الآن ليس بصحيح فالتوقيت مقدم على الوقت بخمس دقائق على أقل تقدير وبعض الإخوان خرجوا إلى البر فوجدوا أن الفرق بين التوقيت الذي بأيدي الناس وبين طلوع الفجر نحو ثلث ساعة فالمسألة خطيرة جدا ولهذا لا ينبغي للإنسان في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة وليتأخر ثلث ساعة أو 25 دقيقة حتى يتقين أن الفجر قد حضر وقته
1075 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه
[الشَّرْحُ]
ذكر المؤلف رحمه الله في كتاب رياض الصالحين باب فضل الصلوات الخمس والنهي الأكيد والوعيد الشديد على من ضيعهن ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا اله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان هكذا رواه ابن عمر رضي الله عنهما وفي
لفظ أنه قدم الصوم على الحج فعلى الأول بني البخاري رحمه الله الترتيب الصحيح فبدأ بالحج قبل الصيام وأكثر الأحاديث على تقديم الصيام على الحج قوله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام يعني أنه شبه الإسلام بالقصر الذي له خمسة أعمدة ومعلوم أن الأعمدة هي أساس البنيان وأنه إذا فقدت الأعمدة تداعى البنيان وانهدم فإن بني على غير أعمدة بني بناء ضعيفا ولكن الإسلام بناء قوي محكم شرعه الله عز وجل لعباده وقال اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا هذه الدعائم وهذه الأعمدة الخمسة بينها صلى الله عليه وسلم بقوله شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يعني أن تشهد معترفا بلسانك مؤمنا بقلبك أنه لا معبود بحق إلا الله كل ما عبد من دون الله فهو باطل هناك أناس يعبدون الشمس وهناك أناس يعبدون القمر وهناك أناس يعبدون الشعرى وهناك أناس يعبدون البقر وهناك أناس يعبدون فروج النساء ...
أمم مختلفة لكن من المعبود حقا الله عز وجل هو المعبود حقا هذا هو مقتضى الشرع ومقتضى العقل لأن الذي يستحق العبادة هو الذي خلق الخلق من الذي خلق الخلق الله عز وجل قال تبارك وتعالى {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} وقال تعالى {أفرأيتم ما تمنون
أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} لو اجتمع الخلق كلهم على أن يخلقوا جنبا واحدا ما استطاعوا بل قال عز وجل {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له سبحان الله كل المعبودات بالباطل على اختلاف أصنافها لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له هذا في القدر في الشرع قال الله تبارك وتعالى} قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله {إذن لا أحد يستطيع أن يأتي بمثل كلام الله ولا أن يخلق مثل خلق الله} ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله} {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله إذن هذا الذي يوصف بكل هذه الأوصاف هو المستحق للعبادة هل يستحق العبادة شيء مدبر الشمس مدبره} والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم {هل هي يستحق أن تعبد القمر هل يستحق أن يعبد النجم الشجر لا أحد يستحق
فكل مخلوق حاج إبراهيم صلى الله عليه وسلم قومه فلما جن عليه الليل وأظلم رأي كوكبا وكان من قومه من يعبد النجوم قال هذا ربي وكالعادة غاب الكوكب فلما أفل قال لا أحب الآفلين لأن الرب لا يغيب عن عباده فلما رأى القمر بازغا وهو أعلى النجوم إضاءة} قال هذا ربي فلما أفل قال {أي غاب} لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين {وهذا أشد من الأول جاء إلى شيء أكبر وهي الشمس وهم يعبدون أيضا فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي فلما أفلت غابت أعلن صلى الله عليه وسلم التوحيد قال} يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين {إذن لا إله إلا الله لا معبود بحق إلا الله وكل ما يعبد من دون الله فهو باطل والعجيب أن هذه الأصنام التي تعبد يا إخواني أنها يوم القيامة تجمع وتحصب في نار جهنم كما يحصب الحصى وكذلك عابدوها يحصبون} إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون {نعم لو كانت هذه الأصنام آلهة حقا هل ترد النار
وكذلك الذين يعبدونها لما جاءت هذه الآيات أراد المشركون أن يشبهوا بها قالوا عيسى ابن مريم يعبد إذن يلقى في النار فأنزل الله تعالى قوله} وإن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها معبدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون {فعيسى ابن مريم ممن سبقت لهم من الله الحسنى لأنه أحد أولي العزم من الرسل المهم يا إخواني أن تعلموا أن كل من يعبد من دون الله فهو باطل سواء كان نجما أو وليا أو صالحا أو عالما أو رئيسا كل ما يعبد من دون الله فهو باطل عبادته باطلة فشهادة أن لا إله إلا الله تتضمن الإخلاص الذي لا تصح العبادة إلا به والمتابعة التي يتضمنها شهادة أن محمدا رسول الله ولهذا يعد هذا ركنا واحدا أما الثاني فهو إقامة الصلاة يعني الصلوات الخمس وما يتبعها من النوافل لكون الصلاة من أركان الإسلام والصلوات الواجبة بالإجماع وهي خمس الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء والجمعة تكون في محل الظهر وماعدا ذلك فمختلف فيه فالوتر اختلف العلماء هل هو واجب يأثم الإنسان بتركه أم سنة أم فيه تفصيل وهو أن من له ورد من الليل يجب عليه أن يوتر ومن ليس له ورد وإنما ينام إذا صلى العشاء إلى الفجر فهذا لا
يجب عليه الوتر وأما صلاة الكسوف فمختلف فيها من العلماء من يقول واجبة ومنهم من يقول ليست بواجبة والصحيح أنها واجبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها وفزع لما كسفت الشمس وصلاها صلاة غريبة لكنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي من أهل البلد سقطت من الباقين وكذلك أيضا اختلف العلماء رحمهم الله في تحية المسجد هل هي واجبة أم لا والقول بالوجوب قول قوي لكن يمنع القطع به أحاديث تدل على أنها ليست بواجبة مثل مجيء الإمام يوم الجمعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد يوم الجمعة ويصعد المنبر ويخطب الناس ويجلس ولا يصلي تحية المسجد وكذلك رويت أخبار أخرى تدل على عدم وجوب تحية المسجد وكذلك صلاة العيدين اختلف فيهما العلماء منهم من يقول إنها واجبة ومنهم من يقول إنها سنة ومنهم من يقول فرض كفاية المهم أن الصلوات المجمع على وجوبها هي الخمس والجمعة بدلا عن الظهر ومعنى إقامة الصلاة أن يأتي بها الإنسان في أوقاتها متمما شروطها وأركانها واجباتها ومكملا ذلك بمستحباتها هذا هو إقام الصلاة وأما إتياء الزكاة فهو إعطاء الزكاة لمستحقها والزكاة هي القسط من مالك الذي أوجبه الله عليك في الذهب والفضة والنقد وعروض التجارة والخارج من الأرض وبهيمة الأنعام فيجب أن تعطي الزكاة هذه لمستحقيها وقد بين الله المستحقين لها في قوله} إنما الصدقات للفقراء
والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل {وأما حج البيت فهو قصد مكة لأداء المناسك وقد فرضه الله عز وجل على هذه الأمة في السنة التاسعة أو العاشرة من الهجرة وأما صوم رمضان فهو صوم الشهر الذي بين شعبان وشوال وفرض في السنة الثانية من الهجرة فهذه هي أركان الإسلام من أتى بها فهو المسلم وقد بنى على أساس متين ومن لم يأت بها فهو بين فاسق أو كافر فمن لم يأت بالشهادتين فهو كافر ومن لم يصل فهو كافر ومن منع الزكاة فهو فاسق ومن لم يحج فهو فاسق ومن لم يصم فهو فاسق والله الموفق}
1076 - وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله متفق عليه
[الشَّرْحُ]
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب المحافظة على الصلوات الخمس فيما نقله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أمرت الآمر له هو الله عز وجل أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فالذي أمره بقتالهم هو الذي خلقهم وله أن يتصرف في ملكه كيف يشاء له أن يأمر بقتل هؤلاء وله أن يأمر بقتالهم إلى أن يسلموا فإذا أسلموا كف عنهم وهذا الحديث مخصوص بقوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وكذلك حديث بريدة بن الطفيل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله عز وجل وذكر الحديث وفيه أنهم إذا أرادوا الجزية فاقبلها وكف عنهم وعلى هذا فيقاتل الكفار إلى غايتين إما أن يسلموا وإما أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فإن لم يفعلوا لا هذا ولا هذا وجب على المسلمين قتالهم وقتال
المسلمين لهم بأمر الله الذي هو ربهم ورب الكافرين ليس تعصبا من المسلمين لدينهم وحق لهم أن يتعصبوا له لأنه دين الله عز وجل ودين غير المسلمين دين باطل منسوخ لا يقبله الله عز وجل من أي أحد كما قال تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} وقوله حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة سبق الكلام عليه إذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم وفي هذا دليل على أن الكفار إذا قوتلوا فأموالهم حلال لنا كما أننا نستبيح دماءهم فنستبيح أموالهم من باب أولى وكذلك أيضا نستبيح نساءهم وذرياتهم يكونون سبيا لنا ويكونون أرقاء للمسلمين لأننا نأخذهم بكلمات الله عز وجل بأمره ودينه وشرعه فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله وقد قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة حتى راجعه الصحابة وراجعه عمر في ذلك ولكنه أصر على مقاتلتهم وقال والله لو منعوني عناقا أي ماعزا صغيرة وفي رواية عقالا وهي ما تربط به البعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك يقول فلما رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال علمت
أنه الحق فهذا دليل على أهمية الصلاة وأن الناس يقاتلون على تركها إلى أن يصلوا والله الموفق
1077 - وعن معاذ رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب متفق عليه
[الشَّرْحُ]
نقل المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين كتاب المحافظة على الصلوات حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن معاذ بن جبل أنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن اليمن معروف جنوب الجزيرة العربية بعثه في السنة العاشرة من الهجرة في ربيع الأول ولما أراد أن يبعثه قال له إنك تأتي قوما من أهل الكتاب وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى لأن الله أنزل على اليهود التوراة وعلى النصارى الإنجيل وإنما أخبره بذلك ليكون مستعدا لهم
لأن أهل الكتاب هم أعلم الناس في ذلك الوقت بشرائع الله فيجب على الإنسان أن يعرف حالهم حتى يمكن أن يجادلهم بما يفحمهم به وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله وهذا هو مفتاح الإسلام وهذا لا يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مختص بالرسالة فهناك رسل قبله موسى وهود وعيسى وغيرهم ولكن رسول الله هو خاتم النبيين وشريعته نسخت جميع الشرائع فلا نبي بعده ولا شريعة سوى شريعته فإن هم أطاعوك في ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة وهذا هو الشاهد فإن هم أطاعوك في ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم في أموالهم هذه إحدى روايات البخاري تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم الأغنياء هنا جمع غني وهم الذين يملكون نصابا زكاويا والغني في كل موضع بحسبه فيفسر في باب وجوب الزكاة بالنصاب الزكوي ويفسر في باب أهل الزكاة بأنه الذي يجد ما يكفيه وعائلته لمدة سنة فأكثر فإن واقفوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم يعني احذر أن تأخذ الطيب من الأموال بل خذ الوسط لا يظلمون ولا يظلمون لا تأخذ الردي من المستحقين للزكاة ولا الأجود فتظلم الذين تجب عليهم الزكاة خذ الوسط
واتق دعوة المظلوم يعني إنك إن أخذت من كرائم أموالهم فقد ظلمتهم فيدعون عليك فاتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب فالله تعالى يستجيب لها ولو كانت من كافر المظلوم إذا دعا الله ولو كان كافرا فإن الله ينتقم له ممن ظلمه إما عاجلا وإما آجلا لأن هذا من باب إقامة العدل والله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين ومن تمام حكمته العدل بين عباده فيأخذ للمظلوم من الظالم والشاهد من هذا الحديث قوله فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة والله الموفق
1078 - وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة رواه مسلم
1079 - وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
1080 - وعن شقيق بن عبد الله التابعي المتفق على جلالته رحمه الله قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة رواه الترمذي في كتاب الإيمان بإسناد صحيح
[الشَّرْحُ]
هذه الأحاديث في التحذير من إضاعة الصلاة حديث جابر وحديث بريدة أما حديث جابر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة وحديث بريدة العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر فهذان الحديثان يدلان على أن تارك الصلاة كافر وأنه كافر مخرجا عن الملة فالذي لا يصلي أشد من اليهود والنصارى اليهود لو ذبحوا لأكل الإنسان ذبيحتهم والنصراني أيضا كذلك أما تارك الصلاة لو ذبح فإن ذبيحته لا تحل تارك الصلاة مثلا لو كان أنثى لا تصلي فإنه لا يحل للمسلم أن يتزوجها ولو كانت نصرانية جاز أن يتزوجها المسلم ولو كانت يهودية جاز أن يتزوجها أيضا المسلم تارك الصلاة لا يقر على ترك الصلاة بل يقال صل وإلا قتلناك واليهودي والنصراني يقر على دينه إما بمعاهدة أو استئمان أو ذمه فدل ذلك على أن ترك الصلاة أعظم من اليهودية والنصرانية هذا الأمر الذي
يتهاون به الناس اليوم وليعلم أن الإنسان إذا ترك الصلاة ثم عقد له على امرأة فإن النكاح غير صحيح ولو جامعها فإنه يجامعها بزنى والعياذ بالله وكذلك لو عقد له وهو يصلي ثم ترك الصلاة انفسخ النكاح ووجب أن يفرق بينه وبين المرأة إلا أن يتوب ويعود إلى الإسلام فيبقى على نكاحه وليعلم أيضا أن تارك الصلاة إذا مات على ترك الصلاة فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين ولا يدعى له بالرحمة ولا تناله شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ولكن ماذا نصنع به..
هل نبقي جيفته للكلاب تأكلها ونحن نشاهده لا لأن هذا فساد لقلوب أقاربه لكن نخرج به برا ونحفر له حفرة ونغرسه فيها بثيابه بدون تكفين ولا تغتسل ولا صلاة عليه ولا كرامة له ولولا أن أهله يتأثرون لقلنا يبقي على وجه الأرض تأكله الكلاب والناس ينظرون إليه لكنه يرمى اتقاء لنتنه ورائحته وخبثه وإذا كان يوم القيامة قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحشر مع فرعون وهامات وقارون وأبي بن خلف وبهذا نعلم أن ترك الصلاة أمر عظيم وأنه يجب على من مات عنده ميت وهو لا يصلي أن يبعده عن مدافن المسلمين ولا يحل له أن يقدمه للمسلمين ليصلوا عليه وهو يعلم أنه مات لا يصلى أبدا فإن
فعل فهو مسيء إلى المسلمين والمسلمون ليس عليهم إثم لأنهم ما علموا لأن الله قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون والذي لا يصلي كافر بالله ورسوله حتى لو قال أو من بأن الله موجود وأن محمدا رسوله لا يكفي لأن المنافقين يقولون مثل هذا الكلام {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكذبون} ثم اعلم أنه إذا مات لك ميت وهو لا يصلي فإنه لا يحل لك من ميراثه شيء على قول أكثر أهل العلم لأن ميراثه ليس لأقاربه المسلمين كما أنه هو لو مات عنه قريب مسلم فإنه لا يرثه يعني مثلا إنسان مات وله ابن لا يصلي وله ابن عم بعيد يصلي من يرثه ابن العم البعيد وابنه لا يرث ولو مات عن أبيه وهو لا يصلي وله عم والولد غني ومات عن أبيه الذي لا يصلي وعمه المسلم الذي يصلي فالمال للعم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم وهذا هو الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وإجماع الصحابة كما حكاه عنهم عبد الله بن شقيق أو شقيق بن عبد الله قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفرا إلا الصلاة وقال
النووي في هذا الرجل إنه متفق على جلالته وثقته وعدالته وتحريه وقد صرح علماؤنا المتأخرون كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بأنه كافر كفرا مخرجا عن الملة وأنه مرتد عن دين الإسلام ومع الأسف أن الناس الآن يتهاونون في هذا الأمر نسأل الله تعالى أن يهدينا لما فيه الخير والصلاح
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انتقص من فريضته شيئا قال الرب عز وجل انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم تكون سائر أعماله على هذا رواه الترمذي وقال حديث حسن
[الشَّرْحُ]
هذا آخر حديث في باب فضل الصلاة والوعيد على من تركها والنهي الأكيد وفيه أن أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة الصلاة وهذا بالنسبة لحق الله عز وجل فإن صلحت فقد أفلح ونجح وإلا فعلى العكس خاب وخسر والعياذ بالله أما بالنسبة لحقوق الآدميين فأول ما يقضى بين الناس في الدماء لأنها أعظم الحقوق الدماء يعني القتل ثم يأتي بقية المحاسبة
على ما يبقى ولكن الله عز وجل إذا حاسب العبد على الصلاة وصحت أفلح ونجح وإلا خاب وخسر ثم يحمد الله عز وجل أن ينظر في أعماله هل له نوافل فإنها تكمل بها الفرائض ولهذا كان من فضل الله ورحمته ونعمته وإحسانه أن شرع لنا النوافل خلف الصلوات وقبلها وفي كل وقت إلا الأوقات المنهي عنها وذلك لأن الإنسان لابد أن يكون في صلاته خلل فيكمل بهذه النوافل فالظهر له أربع ركعات قبلها بتسليمين وركعتان بعدها وصلاة العصر ليس لها راتبه لكن لها سنة مطلقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة صلاة المغرب لها راتبة بعدها ركعتان وسنة مطلقة قبلها صلاة العشاء بعدها ركعتان الفجر قبلها ركعتان صلاة الليل صلاة الوتر صلاة الضحى كل هذه النوافل يزداد بها أجر المصلي ويكمل بها النقص الذي حصل في الفريضة وهذه من نعمة الله عز وجل نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته