منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

  تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

 تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97    تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97 I_icon_minitimeالجمعة مارس 15, 2013 12:36 pm

ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مّمْلُوكاً لاّ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَمَن رّزَقْنَاهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ



قال العوفي عن ابن عباس: هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن، وكذا قال قتادة، واختاره ابن جرير، فالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء مثل الكافر والمرزوق الرزق الحسن، فهو ينفق منه سراً وجهراً هو المؤمن، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: هو مثل مضروب للوثن وللحق تعالى، فهل يستوي هذا وهذا ؟ ولما كان الفرق بينهما ظاهرا واضحاً بيناً لا يجهله إلا كل غبي قال الله تعالى: {الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون}





وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلّ عَلَىَ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجّههّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ



قال مجاهد: وهذا أيضاً المراد به الوثن والحق تعالى يعني أن الوثن أبكم لا يتكلم ولا ينطق بخير ولا بشيء ولا يقدر على شيء بالكلية، فلا مقال ولا فعال، وهو مع هذا كل أي عيال وكلفة على مولاه {أينما يوجهه} أي يبعثه {لا يأت بخير} ولا ينجح مسعاه {هل يستوي} من هذه صفاته {ومن يأمر بالعدل} أي بالقسط، فمقاله حق وفعاله مستقيمة {وهو على صراط مستقيم} وقيل: الأبكم مولى لعثمان، وبهذا قال السدي وقتادة وعطاء الخراساني، واختار هذا القول ابن جرير

وقال العوفي عن ابن عباس: هو مثل للكافر والمؤمن أيضاً كما تقدم، وقال ابن جرير: حدثنا الحسن بن الصباح البزار، حدثنا يحيى بن إسحاق السالحيني، حدثنا حماد حدثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم عن إبراهيم عن عكرمة، عن يعلى بن أمية عن ابن عباس في قوله: {ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء} قال: نزلت في رجل من قريش وعبده، يعني قوله {عبداً مملوكا} الاَية، وفي قوله: {وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم ـ إلى قوله ـ وهو على صراط مستقيم} قال: هو عثمان بن عفان: قال: والأبكم الذي أينما يوجهه لا يأت بخير، قال: هو مولى لعثمان بن عفان، كان عثمان ينفق عليه ويكلفه ويكفيه المؤونه، وكان الاَخر يكره الإسلام ويأباه وينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما





وَلِلّهِ غَيْبُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَآ أَمْرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ * أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىَ الطّيْرِ مُسَخّرَاتٍ فِي جَوّ السّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنّ إِلاّ اللّهُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ



يخبر تعالى عن كمال علمه وقدرته على الأشياء في علمه غيب السموات والأرض واختصاصه بعلم الغيب، فلا اطلاع لأحد على ذلك إلا أن يطلعه تعالى على ما يشاء، وفي قدرته التامة التي لا تخالف ولا تمانع، وأنه إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، كما قال: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} أي فيكون ما يريد كطرف العين، وهكذا قال ههنا: {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير} كما قال: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} ثم ذكر تعالى منته على عباده في إخراجه إياهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً، ثم بعد هذا يرزقهم السمع الذي به يدركون الأصوات والأبصار التي بها يحسون المرئيات والأفئدة، وهي العقول التي مركزها القلب على الصحيح، وقيل: الدماغ والعقل به يميز بين الأشياء ضارها ونافعها، وهذه القوى والحواس تحصل للإنسان على التدريج قليلاً قليلاً كلما كبر زيد في سمعه وبصره وعقله حتى يبلغ أشده. وإنما جعل تعالى هذه في الإنسان ليتمكن بها من عبادة ربه تعالى، فيستعين بكل جارحة وعضو وقوة على طاعة مولاه

كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول تعالى: من عادى لي ولياً فقد بارزني بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أفضل من أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن دعاني لأجيبنه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه» فمعنى الحديث أن العبد إذا أخلص الطاعة صارت أفعاله كلها لله عز وجل، فلا يسمع إلا لله، ولا يبصر إلا لله أي ما شرعه الله له، ولا يبطش ولا يمشي إلا في طاعة الله عز وجل، مستعيناً بالله في ذلك كله، ولهذا جاء في بعض رواية الحديث في غير الصحيح بعد قوله ورجله التي يمشي بها «فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي» ولهذا قال تعالى: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} كقوله تعالى في الاَية الأخرى: {قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون * قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون} ثم نبه تعالى عباده إلى النظر إلى الطير المسخر بين السماء والأرض، كيف جعله يطير بجناحين بين السماء والأرض في جو السماء، ما يمسكه هناك إلا الله بقدرته تعالى التي جعل فيها قوى تفعل ذلك، وسخر الهواء يحملها ويسير الطير كذلك، كما قال تعالى في سورة الملك: { أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير} وقال ههنا: {إن في ذلك لاَيات لقوم يؤمنون}





وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ الأنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىَ حِينٍ * وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّمّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلّكُمْ تُسْلِمُونَ * فَإِن تَوَلّوْاْ فَإِنّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ



يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم، يأوون إليها، ويستترون بها، وينتفعون بها بسائر وجوه الانتفاع، وجعل لهم أيضاً من جلود الأنعام بيوتاً أي من الأدم، يستخفون حملها في أسفارهم ليضربوها لهم في إقامتهم في السفر والحضر، ولهذا قال: {تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها} أي الغنم، {وأوبارها} أي الإبل، {وأشعارها} أي المعز، والضمير عائد على الأنعام {أثاثا} أي تتخذون منه أثاثاً وهو المال، وقيل: المتاع، وقيل: الثياب، والصحيح أعم من هذا كله فإنه يتخذ من الأثاث البسط والثياب وغير ذلك، ويتخذ مالاً وتجارة، وقال ابن عباس: الأثاث المتاع، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وعطية العوفي وعطاء الخراساني والضحاك وقتادة. وقوله: {إلى حين} أي إلى أجل مسمى ووقت معلوم

وقوله: { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً} قال قتادة: يعني الشجر {وجعل لكم من الجبال أكناناً} أي حصوناً ومعاقل، كما {جعل لكم سرابيل تقيكم الحر} وهي الثياب من القطن والكتان والصوف {وسرابيل تقيكم بأسكم} كالدروع من الحديد المصفح والزرد وغير ذلك، {كذلك يتم نعمته عليكم} أي هكذا يجعل لكم ما تستعينون به على أمركم وما تحتاجون إليه ليكون عوناً لكم على طاعته وعبادته {لعلكم تسلمون} هكذا فسره الجمهور، وقرءوه بكسر اللام من {تسلمون} أي من الإسلام

وقال قتادة في قوله: {كذلك يتم نعمته عليكم} هذه السورة تسمى سورة النعم. وقال عبد الله بن المبارك وعباد بن العوام عن حنظلة السدوسي، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس أنه كان يقرؤها {تسلمون} بفتح اللام، يعني من الجراح، رواه أبو عبيد القاسم بن سلام عن عباد، ،أخرجه ابن جرير من الوجهين، ورد هذه القراءة. وقال عطاء الخراساني: إنما نزل القرآن على قدر معرفة العرب، ألا ترى إلى قوله تعالى: { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً} وما جعل من السهل أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب جبال ؟ ألا ترى إلى قوله: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين} وما جعل لهم من غير ذلك أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر ؟ ألا ترى إلى قوله: {وينزل من السماء من جبال فيها من برد} لعجبهم من ذلك وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا لا يعرفونه ؟ ألا ترى إلى قوله تعالى: {سرابيل تقيكم الحر} وما تقي من البرد أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب حر

وقوله: {فإن تولوا} أي بعد هذ البيان وهذا الامتنان، فلا عليك منهم {فإنما عليك البلاغ المبين} وقد أديته إليهم {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} أي يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك وهو المتفضل به عليهم ومع هذا ينكرون ذلك ويعبدون معه غيره ويسندون النصر والرزق إلى غيره {وأكثرهم الكافرون} كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مجاهد أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم { والله جعل لكم من بيوتكم سكناً} فقال الأعرابي: نعم، قال: {وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا} الاَية، قال الأعرابي: نعم، ثم قرأ عليه كل ذلك، يقول الأعرابي: نعم حتى بلغ {كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} فولى الأعرابي، فأنزل الله {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} الاَية





وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلّ أُمّةٍ شَهِيداً ثُمّ لاَ يُؤْذَنُ لِلّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ * وَإِذَا رَأى الّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ * وَإِذَا رَأى الّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبّنَا هَـَؤُلاَءِ شُرَكَآؤُنَا الّذِينَ كُنّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنّكُمْ لَكَاذِبُونَ * وَأَلْقَوْاْ إِلَىَ اللّهِ يَوْمَئِذٍ السّلَمَ وَضَلّ عَنْهُم مّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ * الّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ



يخبر تعالى عن شأن المشركين يوم معادهم في الدار الاَخرة، وأنه يبعث من كل أمة شهيداً وهو نبيها، يشهد عليها بما أجابته فيما بلغها عن الله تعالى: {ثم لا يؤذن للذين كفروا} أي في الاعتذار، لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه، كقوله: {هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون} فلهذا قال: {ولا هم يستعتبون * وإذا رأى الذين ظلموا} أي الذين أشركوا {العذاب فلا يخفف عنهم} أي لا يفتر عنهم ساعة واحدة. {ولا هم ينظرون} أي لا يؤخر عنهم بل يأخذهم سريعاً من الموقف بلا حساب، فإنه إذا جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، فيشرف عنق منها على الخلائق، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه، فتقول: إني وكلت بكل جبار عنيد الذي جعل مع الله إلها آخر وبكذا وبكذا، وتذكر أصنافاً من الناس، كما جاء في الحديث، ثم تنطوي عليهم وتلتقطهم من الموقف كما يلتقط الطائر الحب، قال الله تعالى: {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً، وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً، لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً، وادعوا ثبوراً كثيراً}، وقال تعالى: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً} وقال تعالى: {لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون * بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون}

ثم أخبر تعالى عن تبري آلهتهم منهم أحوج ما يكونون إليها فقال: {وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم} أي الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا {قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك * فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون} أي قالت لهم الاَلهه: كذبتم ما نحن أمرناكم بعبادتنا، كما قال تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} وقال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً} وقال الخليل عليه الصلاة والسلام {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض} الاَية، وقال تعالى: {وقيل ادعوا شركاءكم}الاَية، والاَيات في هذا كثيرة

وقوله: {وألقوا إلى الله يومئذ السلم} قال قتادة وعكرمة: ذلوا واستسلموا يومئذ، أي استسلموا لله جميعهم فلا أحد إلا سامع مطيع، وكقوله تعالى: {أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا} أي ما أسمعهم وما أبصرهم يومئذ، وقال: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا} الاَية، وقال: {وعنت الوجوه للحي القيوم} أي خضعت وذلت واستكانت وأنابت واستسلمت. وقوله {وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون} أي ذهب واضمحل ما كانوا يعبدونه افتراء على لله فلا ناصر لهم ولا معين ولا مجير

ثم قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا} الاَية، أي عذاباً على كفرهم وعذاباً على صدهم الناس عن اتباع الحق كقوله تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه} أي ينهون الناس عن اتباعه ويبتعدون هم منه أيضاً {وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون} وهذا دليل على تفاوت الكفار في عذابهم كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم، كما قال تعالى: {قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون} وقد قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا سريج بن يونس، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله قي قول الله: {زدناهم عذاباً فوق العذاب} قال: زيدوا عقارب أنيابها كالنخل الطوال. وحدثنا شريح بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سليمان، حدثنا الأعمش عن الحسن، عن ابن عباس في الاَية أنه قال: {زدناهم عذابا فوق العذاب} قال: هي خمسة أنهار تحت العرش يعذبون ببعضها في الليل وببعضها في النهار





وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلّ أُمّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىَ هَـَؤُلاَءِ وَنَزّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لّكُلّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىَ لِلْمُسْلِمِينَ



يقول تعالى مخاطباً عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم : {ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً على هؤلاء} يعني أمتك، أي اذكر ذلك اليوم وهوله، وما منحك الله فيه من الشرف العظيم والمقام الرفيع، وهذه الاَية شبيهة بالاَية التي انتهى إليها عبد الله بن مسعود حين قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم صدر سورة النساء، فلما وصل إلى قوله: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «حسبك» فقال ابن مسعود رضي الله عنه: فالتفت فإذا عيناه تذرفان

وقوله: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} قال ابن مسعود: قد بين لنا في هذا القرآن كل علم وكل شيء. وقال مجاهد: كل حلال وكل حرام، وقول ابن مسعود أعم وأشمل، فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي، وكل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم {وهدى} أي للقلوب {ورحمة وبشرى للمسلمين}. وقال الأوزاعي: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} أي: بالسنة، ووجه اقتران قوله: {ونزلنا عليك الكتاب} مع قوله: {وجئنا بك شهيداً على هؤلاء} أن المراد ـ والله أعلم ـ إن الذي فرض عليك تبليغ الكتاب الذي أنزله عليك سائلك عن ذلك يوم القيامة {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب}، وقال تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} أي إن الذي أوجب عليك تبليغ القرآن لرادك إليه ومعيدك يوم القيامة وسائلك عن أداء ما فرض عليك. هذا أحد الأقوال، وهو متجه حسن





إِنّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَىَ وَيَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ



يخبر تعالى أنه يأمر عباده بالعدل، وهو القسط والموازنه، ويندب إلى الإحسان، كقوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}، وقوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله}، وقال: {والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له} إلى غير ذلك من الاَيات الدالة على شرعية العدل والندب إلى الفضل. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {إن الله يأمر بالعدل} قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وقال سفيان بن عيينة، العدل في هذا الموضع هو استواء السريرة والعلانية من كل عامل لله عملاً، والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته، والفحشاء والمنكر أن تكون علانيته أحسن من سريرته

وقوله: {وإيتاء ذي القربى} أي يأمر بصلة الأرحام، كما قال: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً}. وقوله: {وينهى عن الفحشاء والمنكر} فالفواحش المحرمات، والمنكرات ما ظهر منها من فاعلها، ولهذ قال في الموضع الاَخر: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} وأما البغي فهو العدوان على الناس، وقد جاء في الحديث «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الاَخرة من البغي وقطيعة الرحم». وقوله: {يعظكم} أي يأمركم بما يأمركم به من الخير وينهاكم عما ينهاكم عنه من الشر {لعلكم تذكرون} وقال الشعبي عن شتير بن شكل: سمعت ابن مسعود يقول: إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الاَية، رواه ابن جرير، وقال سعيد عن قتادة قوله: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الاَية ليس من خلق حسن، كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله به، وليس من خلق سيء كانوا يتعايرونه بينهم، إلا نهى الله عنه وقدم فيه. وإنما نهى عن سفاسف الأخلاق ومذامها. ( قلت) ولهذا جاء في الحديث «إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها»

وقال الحافظ أبو يعلى في كتاب معرفة الصحابة: حدثنا أبو بكر محمد بن الفتح الحنبلي، حدثنا يحيى بن محمد مولى بني هاشم، حدثنا الحسن بن داود المنكدري، حدثنا عمر بن علي المقدمي عن علي بن عبد الله بن عمير، عن أبيه، قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يأيته، فأبى قومه أن يدعوه وقالوا: أنت كبيرنا لم تكن لتخف إليه، قال: فليأته من يبلغه عني ويبلغني عنه، فانتدب رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك من أنت، وما أنت ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أما من أنا فأنا محمد بن عبد الله، وأما ما أنا ؟ فأنا عبد الله ورسوله» قال: ثم تلا عليهم هذه الاَية {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الاَية، قالوا: اردد علينا هذا القول، فردده عليهم حتى حفظوه، فأتيا أكثم فقالا أبى أن يرفع نسبه، فسألنا عن نسبه فوجدناه زاكي النسب وسطاً في مضر ـ أي شريفاً ـ وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها، فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤوساً ولا تكونوا أذناباً، وقد ورد في نزولها حديث حسن رواه الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الحميد، حدثنا شهر، حدثني عبد الله بن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء بيته جالس إذ مر به عثمان بن مظعون، فكشر إلى رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا تجلس ؟} فقال: بلى، قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبله، فبينما هو يحدثه إذ شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء، فنظر ساعة إلى السماء، فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض، فتحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره، فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له، وابن مظعون ينظر، فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له، شخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما شخص أول مرة، فأتبعه بصره حتى توارى إلى السماء، فأقبل إلى عثمان بجلسته الأولى، فقال: يامحمد فيما كنت أجالسك ما رأيتك تفعل كفعلك الغداة، فقال: «وما رأيتني فعلت ؟» قال: رأيتك شخص بصرك إلى السماء، ثم وضعته حيث وضعته على يمينك، فتحرفت إليه وتركتني، فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئاً يقال لك، قال: «وفطنت لذلك ؟» فقال عثمان: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتاني رسول الله آنفاً وأنت جالس» قال: رسول الله ؟ قال «نعم»، قال: فما قال لك ؟ قال: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الاَية، قال عثمان: فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمداً صلى الله عليه وسلم ، إسناد جيد متصل حسن قد بين فيه السماع المتصل، ورواه ابن أبي حاتم من حديث عبد الحميد بن بهرام مختصراً. حديث آخر عن عثمان بن أبي العاص الثقفي في ذلك، قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا هريم عن ليث عن شهر بن حوشب، عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً إذ شخص بصره فقال: «أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الاَية بهذا الموضع من هذه السورة {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الاَية، وهذا إسناد لا بأس به، ولعله عند شهر بن حوشب من الوجهين، والله أعلم





وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوّةٍ أَنكَاثاً تَتّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمّةٍ إِنّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيّنَنّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ



هذا مما يأمر الله تعالى به، وهو الوفاء بالعهود والمواثيق والمحافظة على الأيمان المؤكدة، ولهذا قال: {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} ولا تعارض بين هذا وبين قوله: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} الاَية، وبين قوله تعالى: {ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم} أي لا تتركوها بلا كفارة، وبين قوله عليه السلام فيما ثبت عنه في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال «إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها ـ وفي رواية ـ وكفرت عن يميني» لا تعارض بين هذا كله ولا بين الاَية المذكورة ههنا، وهي قوله: {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} لأن هذه الأيمان المراد بها الداخلة في العهود والمواثيق لا الأيمان التي هي واردة على حث أو منع، ولهذا قال مجاهد في قوله {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} يعني الحلف، أي حلف الجاهلية. ويؤيد ما رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن محمد ـ هو ابن أبي شيبة ـ حدثنا ابن نمير وأبو أسامة عن زكريا. هو ابن أبي زائدة ـ عن سعد بن إبراهيم عن أبيه، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة» وكذا رواه مسلم عن ابن أبي شيبة به. ومعناه أن الإسلام لا يحتاج معه إلى الحلف الذي كان أهل الجاهلية يفعلونه، فإن في التمسك بالإسلام كفاية عما كانوا فيه

وأما ما ورد في الصحيحين عن عاصم الأحول عن أنس رضي الله عنه أنه قال: حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دورنا، فمعناه أنه آخى بينهم فكانوا يتوارثون به حتى نسخ الله ذلك، والله أعلم. وقال ابن جرير: حدثني محمد بن عمارة الأسدي، حدثنا عبد الله بن موسى، أخبرنا أبو ليلى عن فريدة في قوله: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} قال: نزلت في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم ، كان من أسلم بايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فقال: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} هذه البيعة التي بايعتم على الإسلام {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} لا يحملنكم قلة محمد وكثرة المشركين أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا صخر بن جويرية عن نافع قال: لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد، ثم قال: أما بعد فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيعة الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال: هذه غدرة فلان، وإن من أعظم الغدر ـ إلا أن يكون الإشراك بالله ـ أن يبايع رجل رجلاً على بيعة الله ورسوله، ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يداً ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون صيلم بيني وبينه» المرفوع منه في الصحيحين. وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد حدثنا حجاج عن عبد الرحمن بن عباس عن أبيه، عن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من شرط لأخيه شرطا لا يريد أن يفي له به، فهو كالمدلي جاره إلى غير منفعة»

وقوله: {إن الله يعلم ما تفعلون} تهديد ووعيد لمن نقض الأيمان بعد توكيدها. وقوله {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً} قال عبد الله بن كثير والسدي: هذه امرأة خرقاء كانت بمكة كلما غزلت شيئاً نقضته بعد إبرامه. وقال مجاهد وقتادة وابن زيد: هذا مثل لمن نقض عهده بعد توكيده، وهذا القول أرجح وأظهر سواء كان بمكة امرأة تنقض غزلها أم لا . وقوله: {أنكاثاً} يحتمل أن يكون اسم مصدر، {نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً} أي أنقاضاً، ويحتمل أن يكون بدلاً عن خبر كان أي لا تكونوا أنكاثاً جمع نكث من ناكث، ولهذا قال بعده: {تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم} أي خديعة ومكراً {أن تكون أمة هي أربى من أمة} أي تحلفون للناس إذا كانوا أكثر منكم ليطمئنوا إليكم، فإذا أمكنكم الغدر بهم غدرتم، فنهى الله عن ذلك لينبه بالأدنى على الأعلى، إذا كان قد نهى عن الغدر والحالة هذه، فلأن ينهى عنه مع التمكن والقدرة بطريق الأولى

وقد قدمنا ـ وللهالحمد ـ في سورة الأنفال قصة معاوية لما كان بينه وبين ملك الروم أمد، فسار معاوية إليهم في آخر الأجل حتى إذا انقضى وهو قريب من بلادهم أغار عليهم، وهم غارون لا يشعرون، فقال له عمرو بن عبسة: الله أكبر يا معاوية وفاء لا غدر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من كان بينه وبين قوم أجل فلا يحلن عقده حتى ينقضي أمدها» فرجع معاوية رضي الله عنه بالجيش، قال ابن عباس: {أن تكون أمة هي أربى من أمة} أي أكثر، وقال مجاهد: كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز، فينقضون حلف هؤلاء ويحالفون أولئك الذين هم أكثر وأعز، فنهوا عن ذلك وقال الضحاك وقتادة وابن زيد نحوه. وقوله: {إنما يبلوكم الله به} قال سعيد بن جبير: يعني بالكثرة، رواه ابن أبي حاتم. وقال ابن جرير: أي بأمره إياكم بالوفاء بالعهد {وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون} فيجازي كل عامل بعمله من خير وشر





وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَلـَكِن يُضِلّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَلَتُسْأَلُنّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَلاَ تَتّخِذُوَاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسّوَءَ بِمَا صَدَدتّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنّمَا عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُوَاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ



يقول الله تعالى: {ولو شاء الله لجعلكم} أيها الناس {أمة واحدة} كقوله تعالى: {ولو شاء ربك لاَمن من في الأرض كلهم جميعاً} أي لوفق بينكم ولما جعل اختلافاً ولا تباغض ولا شحناء {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}، وهكذا قال ههنا: {ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء} ثم يسألكم يوم القيامة عن جميع أعمالكم فيجازيكم عليها على الفتيل والنقير والقطمير. ثم حذر تعالى عباده عن اتخاذ الأيمان دخلاً أي خديعة ومكراً لئلا تزل قدم بعد ثبوتها، مثل لمن كان على الاستقامة فحاد عنها، وزل عن طريق الهدى بسبب الأيمان الحانثة المشتملة على الصد عن سبيل الله، لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به لم يبق له وثوق بالدين، فانصد بسببه عن الدخول في الإسلام، ولهذا قال {وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم}

ثم قال تعالى: {ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلاً} أي لا تعتاضوا عن الأيمان بالله عرض الحياة الدنيا) وزينتها، فإنها قليلة، ولو حيزت لابن آدم الدنيا بحذافيرها لكان ما عند الله هو خير له، أي جزاء الله وثوابه خير لمن رجاه وآمن به وطلبه وحفظ عهده رجاء موعوده، ولهذا قال: {إن كنتم تعلمون * ما عندكم ينفد} أي يفرغ وينقضي فإنه إلى أجل معدود محصور مقدر متناه {وما عند الله باق} أي وثوابه لكم في الجنة باق لا انقطاع ولا نفاد له، فإنه دائم لا يحول ولا يزول {ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} قسم من الرب تعالى مؤكد باللام، أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم، أي ويتجاوز عن سيئها





مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنّهُ حَيَاةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ



هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحاً وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذكر أو أنثى، من بني آدم وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الاَخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت. وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه فسرها بالقناعة، وكذا قال ابن عباس وعكرمة ووهب بن منبه، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أنها هي السعادة. وقال الحسن ومجاهد وقتادة: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة. وقال الضحاك: هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا، وقال الضحاك أيضاً: هي العمل بالطاعة والانشراح بها، والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله

كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني شرحبيل بن أبي شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه}، ورواه مسلم من حديث عبد الله بن يزيد المقري به. وروى الترمذي والنسائي من حديث أبي هانىء عن أبي علي الجنبي، عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قد أفلح من هدي للإسلام، وكان عيشه كفافاً وقنع به». وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد حدثنا همام عن يحيى، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا ويثاب عليها في الاَخرة. وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الاَخرة، لم يكن له حسنة يعطى بها خيراً»، انفر بإخراجه
مسلم




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة النّحل - من آية 75 - إلى نهاية الآية 97
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة النّحل - من آية 63 - إلى نهاية الآية 74
»  تفسير سورة النّحل - من آية 98 - إلى نهاية الآية 128
» تفسير سورة النّحل - من آية 1 - إلى نهاية الآية 25
»  تفسير سورة النّحل - من آية 26 - إلى نهاية الآية 62
»  تفسير سورة هود - من آية 25 - إلى نهاية الآية 49

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: