منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 تفسير سورة طه - من آية 40 - إلى نهاية الآية 82

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة طه - من آية 40 - إلى نهاية الآية 82    تفسير سورة طه -  من آية 40 - إلى نهاية الآية 82   I_icon_minitimeالجمعة مارس 15, 2013 2:49 am



إِذْ تَمْشِيَ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَىَ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىَ أُمّكَ كَيْ تَقَرّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجّيْنَاكَ مِنَ الْغَمّ وَفَتَنّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيَ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمّ جِئْتَ عَلَىَ قَدَرٍ يَمُوسَىَ * وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي * اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَآ إِلَىَ فِرْعَوْنَ إِنّهُ طَغَىَ * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لّيّناً لّعَلّهُ يَتَذَكّرُ أَوْ يَخْشَىَ



يقول تعالى مخاطباً لموسى عليه السلام: إنه لبث مقيماً في أهل مدين فاراً من فرعون وملئه، يرعى على صهره حتى انتهت المدة وانقضى الأجل، ثم جاء موافقاً لقدر الله وإرادته من غير ميعاد، والأمر كله لله تبارك وتعالى، وهو المسير عباده وخلقه فيما يشاء، ولهذا قال: {ثم جئت على قدر يا موسى} قال مجاهد: أي على موعد. وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {ثم جئت على قدر يا موسى} قال: على قدر الرسالة والنبوة. وقوله: {واصطنعتك لنفسي} أي اصطفيتك واجتبيتك رسولاً لنفسي أي كما أريد وأشاء. وقال البخاري عند تفسيرها: حدثنا الصلت بن محمد، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «التقى آدم وموسى فقال موسى: أنت الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال آدم: وأنت الذي اصطفاك الله برسالته واصطفاك لنفسه وأنزل عليك التوراة ؟ قال: نعم، قال فوجدته مكتوباً عليّ قبل أن يخلقني، قال: نعم فحج آدم موسى» أخرجاه

وقوله: {اذهب أنت وأخوك بآياتي} أي بحججي وبراهيني ومعجزاتي {ولا تنيا في ذكري} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا تبطئا، وقال مجاهد عن ابن عباس: لا تضعفا، والمراد أنهما لا يفتران في ذكر الله، بل يذكران الله في حال مواجهة فرعون، ليكون ذكر الله عوناً لهما عليه، وقوة لهما وسلطاناً كاسراً له، كما جاء في الحديث «إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قرنه». وقوله: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى} أي تمرد وعتا وتجبر على الله وعصاه {فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى} هذه الاَية فيها عبرة عظيمة، وهو أن فرعون في غاية العتو والاستكبار وموسى صفوة الله من خلقه إذ ذاك، ومع هذا أمر أن لا يخاطب فرعون إلا بالملاطفة واللين، كما قال يزيد الرقاشي عند قوله: {فقولا له قولاً ليناً}،

يا من يتحبب إلى من يعاديه فكيف بمن يتولاه ويناديه ؟

وقال وهب بن منبه: قولا له إني إلى العفو والمغفرة أقرب مني إلى الغضب والعقوبة. وعن عكرمة في قوله: {فقولا له قولاً ليناً} قال: لا إله إلا الله، وقال عمرو بن عبيد عن الحسن البصري {فقولا له قولاً ليناً} أعذرا إليه قولا له: إن لك رباً ولك معاداً، وإن بين يديك جنة وناراً، وقال بقية عن علي بن هارون عن رجل عن الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة عن علي في قوله {فقولا له قولاً لينا} قال: كنه، وكذا روي عن سفيان الثوري: كنه بأبي مرة، والحاصل من أقوالهم أن دعوتهما له تكون بكلام رقيق لين سهل رفيق، ليكون أوقع في النفوس وأبلغ وأنجع، كما قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}

وقوله: {لعله يتذكر أو يخشى} أي لعله يرجع عما هو فيه من الضلال والهلكة، أو يخشى أي يوجد طاعة من خشية ربه، كما قال تعالى: {لمن أراد أن يذكر أو يخشى} فالتذكر الرجوع عن المحذور، والخشية تحصيل الطاعة، وقال الحسن البصري: {لعله يتذكر أو يخشى} يقول: لا تقل أنت يا موسى وأخوك هارون أهلكه قبل أن أعذر إليه، وههنا نذكر شعر زيد بن عمرو بن نفيل، ويروى لأمية بن أبي الصلت فيما ذكره ابن إسحاق

وأنت الذي من فضل منّ ورحمة بعثت إلى موسى رسولاً مناديا

فقلت له: فاذهب وهارون فادعُوَا إلى الله فرعون الذي كان باغيا

فقولا له: هل أنت سويت هذه بلا وتد حتى استقلت كما هيا

وقولا له: آأنت رفعت هذه بلا عمد أرفق إذن بك بانيا

وقولا له: آأنت سويت وسطها منيراً إذا ما جنه الليل هاديا

وقولا له: من يخرج الشمس بكرة فيصبح مامَسّت من الأرض ضاحيا

وقولا له: من ينبت الحب في الثرى فيصبح منه البقل يهتز رابيا

ويخرج منه حبة في رؤوسه ؟ ففي ذاك آيات لمن كان واعيا





قَالاَ رَبّنَآ إِنّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىَ * قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىَ * فَأْتِيَاهُ فَقُولآ إِنّا رَسُولاَ رَبّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيَ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مّن رّبّكَ وَالسّلاَمُ عَلَىَ مَنِ اتّبَعَ الْهُدَىَ * إِنّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنّ الْعَذَابَ عَلَىَ مَن كَذّبَ وَتَوَلّىَ



يقول تعالى إخباراً عن موسى وهارون عليهما السلام، أنهما قالا متسجيرين بالله تعالى شاكيين إليه: {إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى} يعنيان أن يبدر إليهما بعقوبة أو يعتدي عليهما، فيعاقبهما وهما لا يستحقان منه ذلك. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أن يفرط يعجل. وقال مجاهد: يبسط علينا. وقال الضحاك عن ابن عباس أو أن يطغى: يعتدي {قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} أي لا تخافا منه، فإنني معكما أسمع كلامكما وكلامه، وأرى مكانكما ومكانه، لا يخفى عليّ من أمركم شيء، واعلما أن ناصيته بيدي، فلا يتكلم ولا يتنفس ولا يبطش إلا بإذني وبعد أمري، وأنا معكما بحفظي ونصري وتأييدي

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما بعث الله عز وجل موسى إلى فرعون قال: رب أي شيء أقول ؟ قال: قل هيا شراهيا. قال الأعمش: فسر ذلك: أنا الحي قبل كل شيء والحي بعد كل شيء، إسناده جيد، وشيء غريب {فأتياه فقولا إنا رسولا ربك} قد تقدم في حديث الفتون عن ابن عباس أنه قال: مكثا على بابه حيناً لا يؤذن لهما حتى أذن لهما بعد حجاب شديد

وذكر محمد بن إسحاق بن يسار أن موسى وأخاه هارون خرجا فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه، وهما يقولان: إنا رسولا رب العالمين فآذنوا بنا هذا الرجل، فمكثا فيما بلغني سنتين يغدوان ويروحان لا يعلم بهما ولا يجترىء أحد على أن يخبره بشأنهما حتى دخل عليه بطال له يلاعبه ويضحكه، فقال له: أيها الملك إن على بابك رجلاً يقول قولاً عجيباً يزعم أن له إلهاً غيرك أرسله إليك. قال ببابي ؟ قال: نعم، قال: أدخلوه، فدخل ومعه أخوه هارون وفي يده عصاه، فلما وقف على فرعون قال: إني رسول رب العالمين، فعرفه فرعون، وذكر السدي أنه لما قدم بلاد مصر ضاف أمه وأخاه، وهما لا يعرفانه، وكان طعامهما ليلتئذ الطفيل وهو اللفت، ثم عرفاه وسلما عليه، فقال له موسى: يا هارون إن ربي قد أمرني أن آتي هذا الرجل فرعون فأدعوه إلى الله وأمرك أن تعاونني. قال: افعل ما أمرك ربك، فذهبا وكان ذلك ليلاً، فضرب موسى باب القصر بعصاه فسمع فرعون، فغضب وقال: من يجترىء على هذا الصنيع الشديد، فأخبره السدنة والبوابون بأن ههنا رجلاً مجنوناً يقول إنه رسول الله، فقال علي به، فلما وقفا بين يديه قالا وقال لهما ما ذكر الله في كتابه

وقوله: {قد جئناك بآية من ربك} أي بدلالة ومعجزة من ربك {والسلام على من اتبع الهدى} أي والسلام عليك إن اتبعت الهدى، ولهذا لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم كتاباً كان أوله «بسم الله الرحمن الرحمن، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين» وكذلك لما كتب مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً صورته من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك، أما بعد فإني قد أشركتك في الأمر، فلك المدر ولي الوبر، ولكن قريشاً قوم يعتدون، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم «من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين» ولهذا قال موسى وهارون عليهما السلام لفرعون {والسلام على من اتبع الهدى إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى} أي قد أخبرنا الله فيما أوحاه إلينا من الوحي المعصوم أن العذاب متمحض لمن كذب بآيات الله وتولى عن طاعته، كما قال تعالى: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى} وقال تعالى: {فأنذرتكم ناراً تلظى * لا يصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى} وقال تعالى: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى} أي كذب بقلبه، وتولى بفعله





قَالَ فَمَن رّبّكُمَا يَمُوسَىَ * قَالَ رَبّنَا الّذِيَ أَعْطَىَ كُلّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمّ هَدَىَ * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الاُولَىَ * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبّي فِي كِتَابٍ لاّ يَضِلّ رَبّي وَلاَ يَنسَى



يقول تعالى مخبراً عن فرعون أنه قال لموسى منكراً وجود الصانع الخالق إله كل شيء وربه ومليكه، قال {فمن ربكما يا موسى} أي الذي بعثك وأرسلك من هو، فإني لا أعرفه وما علمت لكم من إله غيري {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يقول خلق لكل شيء زوجه. وقال الضحاك عن ابن عباس: جعل الإنسان إنساناً، والحمار حماراً، والشاة شاة. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد: أعطى كل شيء صورته. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: سوى خلق كل دابة

وقال سعيد بن جبير في قوله: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} قال: أعطى كل ذي خلق ما يصلحه من خلقه، ولم يجعل للإنسان من خلق الدابة، ولاللدابة من خلق الكلب، ولا للكلب من خلق الشاة، وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح، وهيأ كل شيء على ذلك، ليس شيء منها يشبه شيئاًمن أفعاله في الخلق والرزق والنكاح. وقال بعض المفسرين: أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، كقوله تعالى: {الذي قدر فهدى} أي قدر قدراً وهدى الخلائق إليه، أي كتب الأعمال والاَجال والأرزاق، ثم الخلائق ماشون على ذلك لا يحيدون عنه ولا يقدر أحد على الخروج منه

يقول ربنا الذي خلق الخلق وقدر القدر وجبل الخليقة على ما أراد {قال فما بال القرون الأولى} أصح الأقوال في معنى ذلك أن فرعون لماأخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق، وقدر فهدى، شرع يحتج بالقرون الأولى، أي الذين لم يعبدوا الله، أي فما بالهم إذا كان الأمر كذلك لم يعبدوا ربك بل عبدوا غيره، فقال له موسى في جواب ذلك، هم وإن لم يعبدوه فإن علمهم عند الله مضبوط علهيم، وسجزيهم بعملهم في كتاب الله، وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال {لا يضل ربي ولا ينسى} أي لا يشذ عنه شيء، ولا يفوته صغير ولا كبير، ولا ينسى شيئاً يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط، وأنه لا ينسى شيئاً، تبارك وتعالى وتقدس وتنزه، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان: أحدهما عدم الإحاطة بالشيء، والاَخر نسيانه بعد علمه، فنزه نفسه عن ذلك





الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مّن نّبَاتٍ شَتّىَ * كُلُواْ وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لاُوْلِي النّهَىَ * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىَ * وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلّهَا فَكَذّبَ وَأَبَىَ

من تمام كلام موسى فيما وصف به ربه عز وجل حين سأله فرعون عنه، فقال: {الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} ثم اعترض الكلام بين ذلك، ثم قال: {الذي جعل لكم الأرض مهداً} وفي قراءة بعضهم مهاداً أي قراراً تستقرون عليها، وتقومون وتنامون عليها، وتسافرون على ظهرها {وسلك لكم فيها سبلاً} أي جعل لكم طرقاً تمشون في مناكبها كما قال تعالى: {وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون} {وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً من نبات شتى} أي من أنواع النباتات من زروع وثمار، ومن حامض وحلو ومر وسائر الأنواع {كلوا وارعوا أنعامكم} أي شيء لطعامكم وفاكهتكم، وشيء لأنعامكم لأقواتها خضراً ويبساً {إن في ذلك لاَيات} أي لدلالات وحججاً وبراهين {لأولي النهى} أي لذوي العقول السليمة المستقيمة، على أنه لا إله إلا الله ولا رب سواه {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} أي من الأرض مبدؤكم، فإن أباكم آدم مخلوق من تراب من أديم الأرض وفيها نعيدكم أي وإليها تصيرون إذا متم وبليتم، ومنها نخرجكم تارة أخرى {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا} وهذه الاَية كقوله تعالى: {قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون} وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر جنازة، فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر وقال: منها خلقناكم، ثم أخذ أخرى، وقال: وفيها نعيدكم، ثم أخرى، وقال: ومنها نخرجكم تارة أخرى. وقوله: {ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى} يعني فرعون أنه قامت عليه الحجج والاَيات والدلالات، وعاين ذلك وأبصره فكذب بها وأباها كفراً وعناداً وبغياً، كما قال تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً} الاَية





قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَمُوسَىَ * فَلَنَأْتِيَنّكَ بِسِحْرٍ مّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى * قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النّاسُ ضُحًى



يقول تعالى مخبراً عن فرعون أنه قال لموسى حين أراه الاَية الكبرى، وهي إلقاء عصاه فصارت ثعباناً عظيماً، ونزع يده من تحت جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء، فقال: هذا سحر جئت به لتسحرنا وتستولي به على الناس فيتبعونك، وتكاثرنا بهم ولا يتم هذا معك، فإن عندنا سحراً مثل سحرك، فلا يغرنك ما أنت فيه، {فاجعل بيننا وبينك موعداً} أي يوماً نجتمع نحن وأنت فيه، فنعارض ما جئت به بما عندنا من السحر في مكان معين ووقت معين، فعند ذلك {قال} لهم موسى {موعدكم يوم الزينة} وهو يوم عيدهم ونيروزهم وتفرغهم من أعمالهم واجتماعهم جميعهم، ليشاهد الناس قدرة الله على ما يشاء ومعجزات الأنبياء وبطلان معارضة السحر لخوارق العادات النبوية، ولهذا قال: {وأن يحشر الناس} أي جميعهم {ضحى} أي ضحوة من النهار، ليكون أظهر وأجلى وأبين وأوضح، وهكذا شأن الأنبياء كل أمرهم بين واضح ليس فيه خفاء ولا ترويج، ولهذا لم يقل ليلاً ولكن نهاراً ضحى، قال ابن عباس: وكان يوم الزينة يوم عاشوراء. وقال السدي وقتادة وابن زيد: كان يوم عيدهم. وقال سعيد بن جبير: كان يوم سوقهم، ولا منافاة. قلت: وفي مثله أهلك الله فرعون وجنوده، كما ثبت في الصحيح، وقال وهب بن منبه: قال فرعون: يا موسى اجعل بيننا وبينك أجلاً ننظر فيه. قال موسى لم أومر بهذا إنما أمرت بمناجزتك إن أنت لم تخرج دخلت إليك، فأوحى الله إلى موسى أن اجعل بينك وبينه أجلاً، وقل له أن يجعل هو، قال فرعون: اجعله إلى أربعين يوماً ففعل، وقال مجاهد وقتادة: مكاناً سوى منصفاً. وقال السدي: عدلاً. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: مكاناً سوى مستو بين الناس وما فيه لا يكون صوب ولا شيء يتغيب بعض ذلك عن بعض مستو حين يرى





فَتَوَلّىَ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمّ أَتَىَ * قَالَ لَهُمْ مّوسَىَ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىَ * فَتَنَازَعُوَاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرّواْ النّجْوَىَ * قَالُوَاْ إِنْ هَـَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىَ * فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمّ ائْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىَ



يقول تعالى مخبراً عن فرعون أنه لما تواعد هو وموسى عليه السلام إلى وقت ومكان معلومين تولى، أي شرع في جمع السحرة من مدائن ممكلته، كل من ينسب إلى السحر في ذلك الزمان، وقد كان السحر فيهم كثيراً نافقاً جداً، كما قال تعالى: {وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم} ثم أتي. أي اجتمع الناس لميقات يوم معلوم وهو يوم الزينة، وجلس فرعون على سرير مملكته، واصطف له أكابر دولته، ووقفت الرعايا يمنة ويسرة، وأقبل موسى عليه الصلاة والسلام متوكئاً على عصاه ومعه أخوه هارون، ووقف السحرة بين يدي فرعون صفوفاً، وهو يحرضهم ويحثهم ويرغبهم في إجادة عملهم في ذلك اليوم، ويتمنون عليه وهو يعدهم ويمنيهم، يقولون {أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذاً لمن المقربين} {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً} أي لا تخيلوا للناس بأعمالكم إيجاد أشياء لا حقائق لها وأنها مخلوقة، وليست مخلوقة، فتكونون قد كذبتم على الله {فيسحتكم بعذاب} أي يهلككم بعقوبة هلاكاً لا بقية له {وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم بينهم} قيل معناه أنهم تشاجروا فيما بينهم، فقائل يقول ليس هذا بكلام ساحر إنما هذا كلام نبي، وقائل يقول بل هو ساحر، وقيل غير ذلك، والله أعلم

وقوله: {وأسروا النجوى} أي تناجوا فيما بينهم {قالوا إن هذا لساحران} وهذه لغة لبعض العرب، جاءت هذه القراءة على إعرابها، ومنهم من قرأ {إن هذين لساحران} وهذ اللغة المشهورة، وقد توسع النحاة في الجواب عن القراءة الأولى بما ليس هذا موضعه. والغرض أن السحرة قالوا فيما بينهم: تعلمون أن هذا الرجل وأخاه ـ يعنون موسى وهارون ـ ساحران عالمان، خبيران بصناعة السحر، يريدان في هذا اليوم أن يغلباكم وقومكم ويستوليا على الناس، وتتبعهما العامة، ويقاتلا فرعون وجنوده، فينصرا عليه، ويخرجاكم من أرضكم

وقوله: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} أي ويستبدا بهذه الطريقة وهي السحر، فإنهم كانوا معظمين بسببها لهم أموال وأرزاق عليها، يقولون: إذا غلب هذان أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض، وتفردا بذلك وتمحضت لهما الرياسة بها دونكم، وقد تقدم في حديث الفتون أن ابن عباس قال في قوله: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا هشيم عن عبد الرحمن بن إسحاق، سمع الشعبي يحدث عن علي في قوله: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال: يصرفا وجوه الناس إليهما

وقال مجاهد {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قال: أولو الشرف والعقل والأسنان. وقال أبو صالح: بطريقتكم المثلى أشرافكم وسرواتكم. وقال عكرمة: بخيركم. وقال قتادة: وطريقتهم المثلى يومئذ بنو إسرائيل، وكانوا أكثر القوم عدداً وأمولاً، فقال عدو الله يريدان أن يذهبا بها لأنفسهما. وقال عبد الرحمن بن زيد: بطريقتكم المثلى بالذي أنتم عليه. {فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفاً} أي اجتمعوا كلكم صفاً واحداً، وألقوا ما في أيديكم مرة واحدة لتبهروا الأبصار، وتغلبوا هذا وأخاه {وقد أفلح اليوم من استعلى} أي منا ومنه، أما نحن فقد وعدنا هذا الملك العطاء الجزيل، وأما هو فينال الرياسة العظيمة





قَالُواْ يَمُوسَىَ إِمّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمّآ أَن نّكُونَ أَوّلَ مَنْ أَلْقَىَ * قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيّهُمْ يُخَيّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنّهَا تَسْعَىَ * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مّوسَىَ * قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنّكَ أَنتَ الأعْلَىَ * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوَاْ إِنّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتَىَ * فَأُلْقِيَ السّحَرَةُ سُجّداً قَالُوَاْ آمَنّا بِرَبّ هَارُونَ وَمُوسَىَ



يقول تعالى مخبراً عن السحرة حين توافقوا هم وموسى عليه السلام، أنهم قالوا لموسى {إما أن تلقي} أي أنت أولاً {وإما أن نكون أول من ألقى * قال بل ألقوا} أي أنتم أولاً لنرى ماذا تصنعون من السحر، وليظهر للناس جلية أمرهم {فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} وفي الاَية الأخرى أنهم لما ألقوا {قالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون} وقال تعالى: {سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم} وقال ههنا: {فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} وذلك أنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتميد، بحيث يخيل للناظر أنها تسعى باختيارها، وإنما كان حيلة، وكانوا جماً غفيراً وجمعاً كثيراً، فألقى كل منهم عصاً وحبلاً حتى صار الوادي ملاَن حيات يركب بعضها بعضاً

وقوله: {فأوجس في نفسه خيفة موسى} أي خاف على الناس أن يفتنوا بسحرهم ويغتروا بهم قبل أن يلقي ما في يمينه، فأوحى الله تعالى إليه في الساعة الراهنة أن ألقِ ما في يمينك يعني عصاك، فإذا هي تلقف ما صنعوا وذلك أنها صارت تنيناً عظيماً هائلاً ذا قوائم وعنق ورأس وأضراس، فجعلت تتبع تلك الحبال والعصي حتى لم تبق منها شيئاً إلا تلقفته وابتلعته، والسحرة والناس ينظرون إلى ذلك عياناً جهرة نهاراً ضحوة، فقامت المعجزة واتضح البرهان، ووقع الحق وبطل السحر، ولهذا قال تعال: {إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى} وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن موسى الشيباني حدثنا حماد بن خالد حدثنا ابن معاذ أحسبه الصائغ عن الحسن عن جندب عن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أخذتم يعني الساحر فاقتلوه ثم قرأ {ولا يفلح الساحر حيث أتى} قال: لا يؤمن به حيث وجد» وقد روى أصله الترمذي موقوفاً ومرفوعاً. فلما عاين السحرة ذلك وشاهدوه، ولهم خبرة بفنون السحر وطرقه ووجوهه علموا علم اليقين أن هذا الذي فعله موسى ليس من قبيل السحر والحيل، وأنه حق لا مرية فيه، ولا يقدر على هذا إلا الذي يقول للشيء كن فيكون، فعند ذلك وقعوا سجداً لله، وقالوا: آمنا برب العالمين رب موسى وهارون، ولهذا قال ابن عباس وعبيد بن عمير: كانوا أول النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء بررة. وقال محمد بن كعب: كانوا ثمانين ألفاً، وقال القاسم بن أبي بزة: كانوا سبعين ألفاً، وقال السدي: بضعة وثلاثين ألفاً، وقال الثوري عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة: كان سحرة فرعون تسعة عشر ألفاً، وقال محمد بن إسحاق: كانوا خمسة عشر ألفاً، وقال كعب الأحبار: كانوا اثني عشر ألفاً

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن علي بن حمزة، حدثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: كانت السحرة سبعين رجلاً، أصبحوا سحرة، وأمسوا شهداء. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا المسيب بن واضح بمكة، حدثنا ابن المبارك قال: قال الأوزاعي: لما خر السحرة سجداً، رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها، قال: وذكر عن سعيد بن سلام، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن سليمان عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قوله: {فألقي السحرة سجداً} قال: رأوا منازلهم تبنى لهم وهم في سجودهم، وكذا قال عكرمة والقاسم بن أبي بزة





قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنّهُ لَكَبِيرُكُمُ الّذِي عَلّمَكُمُ السّحْرَ فَلاُقَطّعَنّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ وَلاُصَلّبَنّكُمْ فِي جُذُوعِ النّخْلِ وَلَتَعْلَمُنّ أَيّنَآ أَشَدّ عَذَاباً وَأَبْقَىَ * قَالُواْ لَن نّؤْثِرَكَ عَلَىَ مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيّنَاتِ وَالّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنّمَا تَقْضِي هَـَذِهِ الْحَيَاةَ الدّنْيَآ * إِنّآ آمَنّا بِرَبّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السّحْرِ وَاللّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ



يقول تعالى مخبراً عن كفر فرعون وعناده وبغيه ومكابرته الحق بالباطل، حين رأى ما رأى من المعجزة الباهرة والاَية العظيمة، ورأى الذين قد استنصر بهم قد آمنوا بحضرة الناس كلهم، وغلب كل الغلب، شرع في المكابرة والبهت، وعدل إلى استعمال جاهه وسلطانه في السحرة، فتهددهم وتوعدهم وقال: {آمنتم له} أي صدقتموه {قبل أن آذن لكم} أي ما أمرتكم بذلك وأفتنتم علي في ذلك، وقال قولاً يعلم هو والسحرة والخلق كلهم أنه بهت وكذب {إنه لكبيركم الذي علمكم السحر} أي أنتم إنما أخذتم السحر عن موسى، واتفقتم أنتم وإياه علي وعلى رعيتي لتظهروه، كما قال تعالى في الاية الأخرى: {إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون}، ثم أخذ يتهددهم فقال: {لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل} أي لأجعلنكم مثلة، ولأقتلنكم ولأشهرنكم، قال ابن عباس: فكان أول من فعل ذلك، رواه ابن أبي حاتم

وقوله {ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى} أي أنتم تقولون: إني وقومي على ضلالة وأنتم مع موسى وقومه على الهدى، فسوف تعلمون من يكون له العذاب ويبقى فيه، فلما صال عليهم بذلك وتوعدهم، هانت عليهم أنفسهم في الله عز وجل و{قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات} أي لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين، {والذي فطرنا} يحتمل أن يكون قسماً، ويحتمل أن يكون معطوفاً على البينات، يعنون لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم المبتدي خلقنا من الطين، فهو المستحق للعبادة والخضوع لا أنت، {فاقض ما أنت قاض} أي فافعل ما شئت، وما وصلت إليه يدك، {إنما تقضي هذه الحياة الدنيا} أي إنما لك تسلط في هذه الدار وهي دار الزوال، ونحن قد رغبنا في دار القرار {إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا} أي ما كان منا من الاَثام خصوصاً ما أكرهتنا عليه من الحسر لتعارض به آية الله تعالى ومعجزة نبيه

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وما أكرهتنا عليه من السحر} قال: أخذ فرعون أربعين غلاماً من بني إسرائيل، فأمر أن يعلموا السحر بالفرماء، وقال: علموهم تعليماً لا يعلمه أحد في الأرض، قال ابن عباس: فهم من الذين آمنوا بموسى وهم من الذين قالوا: {آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر} وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقوله: {والله خير وأبقى} أي خير لنا منك {وأبقى} أي أدوم ثواباً مما كنت وعدتنا ومنيتنا، وهو رواية عن ابن إسحاق رحمه الله. وقال محمد بن كعب القرظي {والله خير} أي لنا منك إن أطيع {وأبقى} أي منك عذاباً غن عصي، وروي نحوه عن ابن إسحاق أيضاً. والظاهر أن فرعون ـ لعنه الله ـ صمم على ذلك، وفعله بهم رحمة لهم من الله، ولهذا قال ابن عباس وغيره من السلف: أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء





إِنّهُ مَن يَأْتِ رَبّهُ مُجْرِماً فَإِنّ لَهُ جَهَنّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىَ * وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحَاتِ فَأُوْلَـَئِكَ لَهُمُ الدّرَجَاتُ الْعُلَىَ * جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكّىَ



الظاهر من السياق أن هذا من تمام ما وعظ به السحرة لفرعون، يحذرونه من نقمة الله وعذابه الدائم السرمدي، ويرغبونه في ثوابه الأبدي المخلد، فقالوا: {إنه من يأت ربه مجرماً} أي يلقى الله يوم القيامة وهو مجرم {فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى} كقوله: {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور} وقال: {ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى} وقال تعالى: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون} وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا إسماعيل، أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتمون فيها ولا يحيون، ولكن أناس تصيبهم النار بذنوبهم فتميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحماً أذن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل» فقال رجل من القوم: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية، وهكذا أخرجه مسلم في كتابه الصحيح من رواية شعبة وبشر بن المفضل، كلاهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد به

وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا أبي، حدثنا حيان، سمعت سليمان التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الاَية {إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى} قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أما أهلها الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين ليسوا من أهلها فإن النار تمسهم ثم يقوم الشفعاء فيشفعون، فتجعل الضبائر، فيؤتى بهم نهراً يقال له الحياة أو الحيوان، فينبتون كما ينبت العشب في حميل السيل»

وقوله تعالى: {ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات} أي ومن لقي ربه يوم المعاد مؤمن القلب قد صدق ضميره بقوله وعمله {فأولئك لهم الدرجات العلى} أي الجنة ذات الدرجات العاليات، والغرف الاَمنات، والمساكن الطيبات. قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، أنبأنا همام، حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تخرج الأنهار الأربعة، والعرش فوقها، فإذا سألتهم الله فاسألوه الفردوس» ورواه الترمذي من حديث يزيد بن هارون عن همام به

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، أخبرنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه قال: كان يقال: الجنة مائة درجة في كل درجة مائة درجة، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فيهن الياقوت والحلي، في كل درجة أمير يرون له الفضل والسؤدد، وفي الصحيحين: «إن أهل عليين ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء لتفاضل ما بينهم ـ قالوا يا رسول الله: تلك منازل الأنبياء قال ـ بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين» وفي السنن: وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما. وقوله: {جنات عدن} أي إقامة، وهي بدل من الدرجات العلى {تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} أي ماكثين أبداً {وذلك جزاء من تزكى} أي طهر نفسه من الدنس والخبث والشرك، وعبد الله وحده لا شريك له. واتبع المرسلين فيما جاؤوا به من خير وطلب





وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىَ مُوسَىَ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لاّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىَ * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مّنَ الْيَمّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىَ



يقول تعالى مخبراً أنه أمر موسى عليه السلام حين أبى فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل أن يسري بهم في الليل، ويذهب بهم من قبضة فرعون، وقد بسط الله هذا المقام في غير هذه السورة الكريمة، وذلك أن موسى لما خرج ببني إسرائيل أصبحوا وليس منهم بمصر لا داع ولا مجيب، فغضب فرعون غضباً شديداً، وأرسل في المدائن حاشرين، أي من يجمعون له الجند من بلدانه ورساتيقه، يقول: {إن هؤلاء لشرذمة قليلون، وإنهم لنا لغائظون}، ثم لما جمع جنده واستوسق له جيشه، ساق في طلبهم فأتبعوهم مشرقين، أي عند طلوع الشمس {فلما تراءى الجمعان} أي نظر كل من الفريقين إلى الاَخر {قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين} ووقف موسى ببني إسرائيل البحر أمامهم، وفرعون وراءهم، فعند ذلك أوحى الله إليه {أن اضرب لهم طريقاً في البحر يبساً} فضرب البحر بعصاه، وقال: انفلق علي بإذن الله، فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، أي الجبل العظيم، فأرسل الله الريح على أرض البحر فلفحته حتى صار يبساً كوجه الأرض، فلهذا قال: {فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً} أي من فرعون {ولا تخشى} يعني من البحر أن يغرق قومك، ثم قال تعالى: {فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم} أي البحر {ما غشيهم} أي الذي هو معروف ومشهور، وهذا يقال عند الأمر المعروف المشهور، كما قال تعالى: {والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى} وقال الشاعر

أنا أبو النجم وشعري شعري

أي الذي يعرف وهو مشهور. وكما تقدم فرعون فسلك بهم في اليم فأضلهم وما هداهم إلى سبيل الرشاد، كذلك يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود





يَبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مّنْ عَدُوّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطّورِ الأيْمَنَ وَنَزّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنّ وَالسّلْوَىَ * كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىَ * وَإِنّي لَغَفّارٌ لّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمّ اهْتَدَىَ



يذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل العظام ومننه الجسام، حيث أنجاهم من عدوهم فرعون، وأقر أعينهم منه وهم ينظرون إليه وإلى جنده قد غرقوا في صبيحة واحدة، لم ينج منهم أحد، كما قال: {وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} وقال البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا شعبة، حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وجد اليهود تصوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى على فرعون، فقال: «نحن أولى بموسى فصوموه» رواه مسلم أيضاً في صحيحه

ثم إنه تعالى واعد موسى وبني إسرائيل بعد هلاك فرعون إلى جانب الطور الأيمن، وهو الذي كلمه الله تعالى عليه، وسأل فيه الرؤية، وأعطاه التوراة هنالك، وفي غضون ذلك عبد بنو إسرائيل العجل كما يقصه الله تعالى قريباً، وأما المن والسلوى فقد تقدم الكلام على ذلك في سورة البقرة وغيرها، فالمن حلوى كانت تنزل عليهم من السماء، والسلوى طائر يسقط عليهم فيأخذون من كل قدر الحاجة إلى الغد، لطفاً من الله ورحمة بهم وإحساناً إليهم، ولهذا قال تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي} أي كلوا من هذا الرزق الذي رزقتكم، ولا تطغوا في رزقي فتأخذوه من غير حاجة، وتخالفوا ما أمرتكم به {فيحل عليكم غضبي} أي أغضب عليكم {ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي فقد شقي. وقال شفي بن مانع: إن في جهنم قصراً يرمى الكافر من أعلاه، فيهوي في جهنم أربعين خريفاً قبل أن يبلغ الصلصال، وذلك قوله {ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} وراه ابن أبي حاتم

وقوله: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً} أي كل من تاب إلي، تبت عليه من أي ذنب كان، حتى أنه تاب تعالى على من عبد العجل من بني إسرائيل. وقوله تعالى: {تاب} أي رجع عما كان فيه من كفر أو شرك أو معصية أو نفاق. وقوله: {وآمن} أي بقلبه. {وعمل صالحاً} أي بجوارحه. وقوله: {ثم اهتدى} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي ثم لم يشكك. وقال سعيد بن جبير {ثم اهتدى} أي استقام على السنة والجماعة وروي نحوه عن مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف وقال قتادة {ثم اهتدى} أي لزم الإسلام حتى يموت وقال سفيان الثوري {ثم اهتدى} أي علم أن لهذا ثواباً، وثم ههنا لترتيب الخبر على الخبر، كقوله: {ثم كان من الذين آمنواوعملوا ا
لصالحات}




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة طه - من آية 40 - إلى نهاية الآية 82
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة هود - من آية 25 - إلى نهاية الآية 49
» تفسير سورة يس - من آية 1 - إلى نهاية الآية 29
»  تفسير سورة يس - من آية 30 - إلى نهاية الآية 54
» تفسير سورة هود - من آية 1 - إلى نهاية الآية 24
»  تفسير سورة يس - من آية 55 - إلى نهاية الآية 83

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: