الله لا إله إلا هو الحي القيوم
(الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم “255”)
ونقف بالتأمل الآن عند قوله الحق:
“الله لا إله إلا هو”.
إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. وعندما نقول: “الله” فإن الذهن ينصرف إلى الذات الواجبة الوجود.
ما معنى “واجبة الوجود”؟
إن الوجود قسمان: قسم واجب، وقسم ممكن.
والقسم الواجب هو الضروري الذي يجب أن يكون موجودا،
والحق سبحانه وتعالى
حين أعلمنا باسمه “الله”
أعطانا فكرة على أن كلمة “الله” هذه يتحدى بها ـ سبحانه ـ أن يسمى بها سواه.
ولو كنا جميعا مؤمنين لكان احترامنا لهذا التحدي نابعا من الإيمان.
ولكن هنا كافرون بالله ومتمردون وملحدون يقولون: “الله خرافة”،
ومع ذلك هل يجرؤ واحد من هؤلاء أن يسمي نفسه “الله”؟ لا يقل أحد هذا؛
لأن الله تحدى بذلك،
فلم يجرؤ واحد أن يدخل في هذه التجربة.
وعدم جرأة الكفار والملاحدة في أن يدخلوا في هذه التجربة دليل على أن كفرهم غير وطيد في نفوسهم،
فلو كان كفرهم صحيحا لقالوا: سنسمي ونرى ما يحدث، ولكن هذا لم يحدث.
إذن “الله” علم واجب الوجود المتصف بكل صفات الكمال.
وبعد ذلك جاء بالقضية الأساسية وهي قوله تعالى: “لا إله إلا هو”
وهنا نجد النفي ونجد الإثبات،
النفي في “لا إله”، والإثبات في “إلا هو”.
والنفي تخلية والإثبات تحلية.
خلى سبحانه نفسه من وجود الشريك له
ثم أثبت لنا وحدانيته.
و”لا إله إلا الله” أي لا معبود بحق إلا الله.
ونعرف أن بعضنا من البشر في فترات الغفلة
قد عبدوا أصناما وعبدوا الكواكب.
ولكن هل كانت آلهة بحق أم بباطل؟
لقد كانت آلهة بباطل.
ودليل صدق هذه القضية التي هي “لا إله إلا الله”، أي لا معبود إلا الله
أن أحدا من تلك الآلهة لم يعترض على صدق هذه القضية.
إذن فهذا الكلام هو حق وصدق.
وإن أدعى أحد غير ذلك،
نقول له: إن الله قد أخبرنا أنه لا معبود بحق غيره؛ لأنه هو الذي خلق وهو الذي رزق،
وقال: أنا الذي خلقت.
إن كان هذا الكلام صحيحا فهو صادق فيه،
فلا نعبد إلا هو.
وإن كان هذا الكلام غير صحيح، وأن أحدا غيره هو الذي خلق هذا الكون فأين هذا الأحد الذي خلق، ثم ترك من لم يخلق ليأخذ الكون منه
ويقول: “أنا الذي خلق الكون”؟
إنه أمر من اثنين،
الأمر الأول: هو أنه ليس هناك إله غيره.
فالقضية ـ إذن ـ منتهية.
والأمر الآخر: هو أنه لو كان هناك آلهة أخرى، وبعد ذلك جاء واحد وقال: “أنا الإلهة وليس هناك إله إلا أنا”. فأين هذه الآلهة الأخرى؟ ألم تعلم بهذه الحكاية؟
إن كانوا لم يعلموا بها، فهم لا يصلحون أن يكونوا آلهة،
وإن كانوا قد علموا فلماذا لم يقولوا: لا. نحن الآلهة،وهذا الكلام كذب؟
وكما بعث الله رسلا بمعجزات كان عليهم أن يبعثوا رسولا بمعجزات.
فصاحب الدعوة إذا ادعاها ولم يوجد معارض له، تثبت الدعوى إلى أن يوجد منازع.
إذن كلمة “لا إله إلا الله” معها دليل الصدق؛