منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25
And God calls to the House of Peace and guides whom He wills to a Straight Path} Younis 25
نحن سعداء للمشاركة في (منتدى الأصدقاء)
We are pleased to join in ( Forum Friends )
يشرفنا تسجيلك
We are honored register you
إدارة المنتدى
Management of Forum

منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

( أهلا وسهلا بكم في منتدى الأصدقاء Welcome to the forum Friends >> الرجاء تسجيل الدخول للتعرف على فضائل الأعمال التي يحبها الله Please log in to learn about the virtues of Business loved by God

المواضيع الأخيرة
» تعديل شاشة الكمبيوتر - الوضع الصحيح من المصنع - LG
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 05, 2017 2:53 pm من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود. --- آية الكرسي
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:44 am من طرف abubaker

»  إن كلمة “الله” هي علم على واجب الوجود -- آية الكرسي -- تابع ----
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:33 am من طرف abubaker

»  وكلمة (الله) عَلَمٌ على واجب الوجود؛ مَطمورة فيه كُلُّ صفات الكمال؛ / الرعد - ؛ فشاءتْ رحمتُه سبحانه أنْ سَهَّل لنا أن نفتتح أيَّ عمل باسمه الجامع لكل صفات الجمال والكمال (بسم الله الرحمن الرحيم). ولذلك يُسَمُّونه (عَلَمٌ على واجب الوجود).
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:18 am من طرف abubaker

» أما أسماء الله فحسنى؛ لأنها بلغتْ القمة في الكمال، ولأن الأسماء والصفات التي تنطبق عليها موجودة في الخالق الأعلى سبحانه
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 4:06 am من طرف abubaker

» وكلمة(اللهُ) عَلَم على واجب الوجود بكل صفات الكمال له - طه
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:57 am من طرف abubaker

» فاعمل لوجهه يكْفك كل الأوجه وتريح نفسك أن تتنازعك قوى شتى ومختلفة، ويُغنيك عن كل غنى.
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالأحد يوليو 30, 2017 3:51 am من طرف abubaker

» أتدرون ما هذان الكتابان فريق في الجنة وفريق في السعير
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالثلاثاء يوليو 18, 2017 3:21 pm من طرف abubaker

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التبادل الاعلاني

 

 تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abubaker

abubaker


ذكر
عدد المساهمات : 18649
تاريخ التسجيل : 23/12/2010
العمر : 73
الدولـة : jordan

تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96    I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 22, 2016 11:08 pm

وَأَصْحَابُ الشّمَالِ مَآ أَصْحَابُ الشّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ * لاّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ * إِنّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُواْ يُصِرّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا الأوّلُونَ * قُلْ إِنّ الأوّلِينَ وَالاَخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىَ مِيقَاتِ يَوْمٍ مّعْلُومٍ * ثُمّ إِنّكُمْ أَيّهَا الضّآلّونَ الْمُكَذّبُونَ * لاَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مّن زَقّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَـَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدّينِ



لما ذكر تعالى حال أصحاب اليمين عطف عليهم بذكر أصحاب الشمال فقال: {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} أي أيّ شيء هم فيه أصحاب الشمال ؟ ثم فسر ذلك فقال: {في سموم} وهو الهواء الحار {وحميم} وهو الماء الحار {وظل من يحموم} قال ابن عباس: ظل الدخان، وكذا قال مجاهد وعكرمة وأبو صالح وقتادة والسدي وغيرهم، وهذه كقوله تعالى:{انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون * انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب * إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر * ويل يومئذ للمكذبين} ولهذا قال ههنا: {وظل من يحموم} وهو الدخان الأسود {لا بارد ولا كريم} أي ليس طيب الهبوب ولا حسن المنظر كما قال الحسن وقتادة {ولا كريم} أي ولا كريم المنظر، قال الضحاك: كل شراب ليس بعذب فليس بكريم

وقال ابن جرير: العرب تتبع هذه اللفظة في النفي فيقولون: هذا الطعام ليس بطيب ولا كريم، هذا اللحم ليس بسمين ولا كريم. وهذه الدار ليست بنظيفة ولا كريمة. وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة به نحوه، ثم ذكر تعالى استحقاقهم لذلك فقال تعالى: {إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} أي كانوا في الدار الدنيا منعمين مقبلين على لذات أنفسهم لا يلوون ما جاءتهم به الرسل {وكانوا يصرون} أي يقيمون ولا ينوون توبة {على الحنث العظيم} وهو الكفر بالله وجعل الأوثان والأنداد أرباباً من دون الله. قال ابن عباس الحنث العظيم: الشرك. وكذا قال مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم. وقال الشعبي: هو اليمين الغموس {وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون ؟} يعني أنهم يقولون ذلك مكذبين به مستبعدين لوقوعه، قال الله تعالى: {قل إن الأولين والاَخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم} أي أخبرهم يا محمد أن الأولين والاَخرين من بني آدم سيجمعون إلى عرصات القيامة لا يغادر منهم أحداً، كما قال تعالى: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود * وما نؤخره إلا لأجل معدود * يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد} ولهذا قال ههنا: {لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم} أي هو موقت بوقت محدود، لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص

{ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لاَكلون من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون} وذلك أنهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم، {فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم} وهي الإبل العطاش، وأحدها أهيم والأنثى هيماء، ويقال: هائم وهائمة، قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة: الهيم، الإبل العطاش الظماء، وعن عكرمة أنه قال: الهيم الإبل المراض تمص الماء مصاً ولا تروى. وقال السدي: الهيم داء يأخذ الإبل فلا تروى أبداً حتى تموت، فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبداً. وعن خالد بن معدان أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيم غبة واحدة من غير أن يتنفس ثلاثاً، ثم قال تعالى: {هذا نزلهم يوم الدين} أي هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم، كما قال تعالى في حق المؤمنين: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً} أي ضيافة وكرامة





نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدّقُونَ * أَفَرَأَيْتُمْ مّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ * نَحْنُ قَدّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَىَ أَن نّبَدّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النّشْأَةَ الاُولَىَ فَلَوْلاَ تَذَكّرُونَ



يقول تعالى مقرراً للمعاد، وراداً على المكذبين به من أهل الزيغ، والإلحاد من الذين قالوا {أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون ؟} وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد. فقال تعالى: {نحن خلقناكم} أي نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ؟ ولهذا قال: {فلولا تصدقون} أي فهلا تصدقون بالبعث! ثم قال مستدلاً عليهم بقوله: {أفرأيتم ما تمنون ؟ أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ؟} أي أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها أم الله الخالق لذلك ؟ ثم قال تعالى: {نحن قدرنا بينكم الموت} أي صرفناه بينكم، وقال الضحاك: ساوى فيه بين أهل السماء والأرض {وما نحن بمسبوقين} أي وما نحن بعاجزين {على أن نبدل أمثالكم} أي نغير خلقكم يوم القيامة

{وننشئكم فيما لا تعلمون} أي من الصفات والأحوال. ثم قال تعالى: {ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون} أي قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة وهي البداءة، قادر على النشأة الأخرى وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى، كما قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} وقال تعالى: {أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً} {أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم} وقال تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ؟ ثم كان علقة فخلق فسوى. فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟}





أَفَرَأَيْتُم مّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ * لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكّهُونَ * إِنّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَآءَ الّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لّلْمُقْوِينَ * فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ



يقول تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون ؟} وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها {أأنتم تزرعونه ؟} أي تنبتونه في الأرض {أم نحن الزارعون} أي بل نحن الذين نقره قراره وننبته في الأرض. قال ابن جرير: وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي، حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي، حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن محمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تقولن زرعت ولكن قل حرثت» قال أبو هريرة: ألم تسمع إلى قوله تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ؟} ورواه البزار عن محمد بن عبد الرحيم عن مسلم الجرمي به، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد عن عطاء عن أبي عبد الرحمن: لا تقولوا زرعنا ولكن قولوا حرثنا وروي عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} وأمثالها يقول: بل أنت يا رب

وقوله تعالى: {لو نشاء لجعلناه حطاماً} أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا وأبقيناه لكم رحمة بكم بل ولو نشاء لجعلناه حطاماً أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده {فظلتم تفكهون} ثم فسر ذلك بقوله: {إنا لمغرمون * بل نحن محرومون} أي لو جعلناه حطاماً لظللتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم فتقولون تارة إنا لمغرمون أي لملقون، وقال مجاهد وعكرمة: إنا لموقع بنا. وقال قتادة: معذبون وتارة يقولون بل نحن محرومون. وقال مجاهد أيضاً: إنا لمغرمون ملقون للشر أي بل نحن محارفون، قاله قتادة، أي لا يثبت لنا مال ولا ينتج لنا ربح، وقال مجاهد: بل نحن محرومون أي محدودون يعني لا حظ لنا، وقال ابن عباس ومجاهد {فظلتم تفكهون} تعجبون. وقال مجاهد أيضاً: فظلتم تفكهون تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم، وهذا يرجع إلى الأول، وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم، وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة: فظلتم تفكهون تلاومون، وقال الحسن وقتادة والسدي: فظلتم تفكهون تندمون، ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب، قال الكسائي: تفكه من الأضداد، تقول العرب تفكهت بمعنى تنعمت، وتفكهت بمعنى حزنت

ثم قال تعالى: {أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن} يعني السحاب، قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد {أم نحن المنزلون} يقول بل نحن المنزلون {لو نشاء جعلناه أجاجاً} أي زعافاً مراً لا يصلح لشرب ولا زرع {فلولا تشكرون} أي فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذباً زلالاً {لكم)منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون * ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لاَية لقوم يتفكرون} . وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة، حدثنا فضيل بن مرزوق عن جابر عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا شرب الماء قال: «الحمد لله الذي سقانا عذباً فراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا» ثم قال: {أفرأيتم النار التي تورون} أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها {أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون} أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها. وللعرب شجرتان (إحداهما) المرخ، (والأخرى) العفار، إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالاَخر تناثر من بينهما شرر النار

وقوله تعالى: {نحن جعلناها تذكرة} قال مجاهد وقتادة: أي تذكر النار الكبرى، قال قتادة: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا قوم ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم» قالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية. قال: «إنها قد ضربت بالماء ضربتين ـ أو مرتين ـ حتى يستنفع بها بنو آدم ويدنوا منها» وهذا الذي أرسله قتادة قد رواه الإمام أحمد في مسنده فقال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم وضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد» وقال الإمام مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم» فقالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية، فقال: «إنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً» رواه البخاري من حديث مالك ومسلم من حديث أبي الزناد ورواه مسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به وفي لفظ «والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها» وقد قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عمرو الخلال، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا معن بن عيسى الفزار عن مالك عن عمه أبي سهل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم ؟ لهي أشد سواداً من ناركم هذه بسبعين ضعفاً» قال الضياء المقدسي وقد رواه أبو مصعب عن مالك ولم يرفعه وهو عندي على شرط الصحيح

وقوله تعالى: {ومتاعاً للمقوين} قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والنضر بن عربي: يعني بالمقوين المسافرين، واختاره ابن جرير وقال: ومنه قولهم أقوت الدار إذا رحل أهلها، وقال غيره: القي والقواء القفر الخالي البعيد من العمران. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: المقوي ههنا الجائع، وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد: ومتاعاً للمقوين، للحاضر والمسافر لكل طعام لا يصلحه إلا النار، وكذا روى سفيان عن جابر الجعفي عن مجاهد، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: قوله: للمقوين يعني المستمتعين من الناس أجمعين، وكذا ذكر عن عكرمة، وهذا التفسير أعم من غيره، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الجميع محتاجون إليها للطبخ والاصطلاء والإضاءة وغير ذلك من المنافع، ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الأحجار وخالص الحديد بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه، فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى وأوقد ناره فأطبخ بها واصطلى بها واشتوى، واستأنس بها وانتفع بها سائر الانتفاعات، لهذا أفرد المسافرين وإن كان ذلك عاماً في حق الناس كلهم! وقد يستدل له بما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعي الشامي عن رجل من المهاجرين من قرن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلمون شركاء في ثلاثة: النار والكلأ والماء» وروى ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثلاث لا يمنعن: الماء والكلأ والنار» وله من حديث ابن عباس مرفوعاً مثل هذا زيادة وثمنه حرام، ولكن في إسناده عبد الله بن خراش بن حوشب وهو ضعيف، والله أعلم

وقوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} أي الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة: الماء الزلال العذب البارد ولو شاء لجعله ملحاً أجاجاً كالبحار المغرقة، وخلق النار المحرقة وجعل ذلك مصلحة للعباد، وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم وزجراً لهم في المعاد.





فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النّجُومِ * وَإِنّهُ لَقَسَمٌ لّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مّكْنُونٍ * لاّ يَمَسّهُ إِلاّ الْمُطَهّرُونَ * تَنزِيلٌ مّن رّبّ الْعَالَمِينَ * أَفَبِهَـَذَا الْحَدِيثِ أَنتُمْ مّدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنّكُمْ تُكَذّبُونَ



قال جويبر عن الضحاك: إن الله تعالى لا يقسم بشيء من خلقه ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه، وهذا القول ضعيف، والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله يقسم بما شاء من خلقه، وهو دليل على عظمته، ثم قال بعض المفسرين: لا ههنا زائدة وتقديره أقسم بمواقع النجوم، ورواه ابن جرير عن سعيد بن جبير ويكون جوابه {إنه لقرآن كريم} وقال آخرون: ليست لا زائدة لا معنى لها بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسماً به على منفي كقول عائشة رضي الله عنها. لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، وهكذا ههنا تقدير الكلام: لا أقسم بمواقع النجوم، ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أوكهانة بل هو قرآن كريم. وقال ابن جرير وقال بعض أهل العربية: معنى قوله: {فلا أقسم} فليس الأمر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد ذلك فقيل أقسم واختلفوا في معنى قوله: {بمواقع النجوم} فقال حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: يعني نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقاً في السنين بعد. ثم قرأ ابن عباس هذه الاَية، وقال الضحاك عن ابن عباس: نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة فهو قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم} نجوم القرآن، وكذا قال عكرمة ومجاهد والسدي وأبو حزرة، وقال مجاهد أيضاً: مواقع النجوم في السماء ويقال مطالعها ومشارقها

وكذا قال الحسن وقتادة وهو اختيار ابن جرير، وعن قتادة: مواقعها منازلها، وعن الحسن أيضاً: أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة. وقال الضحاك {فلا أقسم بمواقع النجوم} يعني بذلك الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا أمطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا. وقوله: {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به عليه {إنه لقرآن كريم} أي إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم {في كتاب مكنون} أي معظم، في كتاب معظم محفوظ موقر. وقال ابن جرير حدثني إسماعيل بن موسى: أخبرنا شريك عن حكيم هو ابن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس {لا يمسه إلا المطهرون} قال: الكتاب الذي في السماء. وقال العوفي عن ابن عباس {لا يمسه إلا المطهرون} يعني الملائكة، وكذا قال أنس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وأبو نهيك والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم

وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور، حدثنامعمر عن قتادة {لا يمسه إلا المطهرون} قال: لا يمسه عند الله إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوس النجس، والمنافق الرجس، وقال: وهي في قراءة ابن مسعود: ما يمسه إلا المطهرون، وقال أبو العالية {لا يمسه إلا المطهرون} ليس أنتم، أنتم أصحاب الذنوب، وقال ابن زيد: زعمت كفار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين، فأخبر الله تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون كما قال تعالى: {وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون} وهذا القول قول جيد، وهو لا يخرج عن الأقوال التي قبله، وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به. وقال آخرون {لا يمسه إلا المطهرون} أي من الجنابة والحدث قالوا: ولفظ الاَية خبر ومعناها الطلب، قالوا: والمراد بالقرآن ههنا المصحف، كما روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو واحتجوا في ذلك بما رواه الإمام مالك في موطئه عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر

وروى أبو داود في المراسيل من حديث الزهري قال: قرأت في صحيفة عند أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يمس القرآن إلا طاهر» وهذه وجادة جيدة قد قرأها الزهري وغيره، ومثل هذا ينبغي الأخذ به، وقد أسنده الدارقطني عن عمرو بن حزم وعبد الله بن عمر وعثمان بن أبي العاص وفي إسناد كل منهما نظر، والله أعلم. وقوله تعالى: {تنزيل من رب العالمين} أي هذا القرآن منزل من الله رب العالمين وليس هو كما يقولون إنه سحر أو كهانة أو شعر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه وليس وراءه حق نافع. وقوله تعالى: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} قال العوفي عن ابن عباس: أي مكذبون غير مصدقين، وكذا قال الضحاك وأبو حزرة والسدي، وقال مجاهد {مدهنون} أي تريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال بعضهم: معنى وتجعلون رزقكم بمعنى شكركم أنكم تكذبون أي تكذبون بدل الشكر، وقد روي عن علي وابن عباس أنهما قرآها {وتجعلون شكركم أنكم تكذبون} كما سيأتي وقال ابن جرير: وقد ذكر عن الهيثم بن عدي أن من لغة أزدشنوءة ما رزق فلان بمعنى ما شكر فلان

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وتجعلون رزقكم يقول: شكركم أنكم تكذبون، وتقولون مطرنا بنوء كذا وكذا بنجم كذا وكذا» وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مخول بن إبراهيم النهدي، وابن جرير عن محمد بن المثنى عن عبيد الله بن موسى، وعن يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن أبي بكير، ثلاثتهم عن إسرائيل به مرفوعاً، وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع عن حسين بن محمد وهو المروزي به، وقال: حسن غريب، وقد رواه سفيان الثوري عن عبد الأعلى ولم يرفعه. وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: ما مطر قوم قط إلا أصبح بعضهم كافراً يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا. وقرأ ابن عباس {وتجعلون شكركم أنكم تكذبون} وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس. وقال مالك في الموطأ عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت في الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب» أخرجاه في الصحيحين وأبو داود والنسائي، كلهم من حديث مالك به

وقال مسلم: حدثنا محمد بن سلمة المرادي وعمرو بن سواد، حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا يونس حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين، ينزل الغيث فيقولون بكوكب كذا وكذا» انفرد به مسلم من هذا الوجه. وقال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله ليصبح القوم بالنعمة أو يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين، يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا»، قال محمد: هو ابن إبراهيم، فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب فقال: ونحن قد سمعنا من أبي هريرة، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يستسقي، فلما استسقى التفت إلى العباس فقال: يا عباس يا عم رسول الله كم أبقى من نوء الثريا ؟ فقال: العلماء يزعمون أنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعاً، قال: فما مضت سابعة حتى مطروا، وهذا محمول على السؤال عن الوقت الذي أجرى الله فيه العادة بإنزال المطر، لا أن ذلك النوء مؤثر بنفسه في نزول المطر، فإن هذا هو المنهي عن اعتقاده، وقد تقدم شيء من هذه الأحاديث عند قوله تعالى: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}

وقال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أمية فيما أحسبه أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً ومطروا يقول: مطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال: «كذبت بل هو رزق الله» ثم قال ابن جرير: حدثني أبو صالح الصراري، حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك الأزدي، حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما مطر قوم من ليلة إلا أصبح قوم بها كافرين ـ ثم قال ـ {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} يقول قائل مطرنا بنجم كذا وكذا». وفي حديث عن أبي سعيد مرفوعاً: «لو قحط الناس سبع سنين ثم أمطروا لقالوا مطرنا بنوء المجدع». وقال مجاهد {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: قولهم في الأنواء مطرنا بنوء كذا، وبنوء كذا، يقول: قولوا هو من عند الله وهو رزقه، وهكذا قال الضحاك وغير واحد، وقال قتادة: أما الحسن فكان يقول بئس ما أخذ قوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب، فمعنى قول الحسن هذا وتجعلون حظكم من كتاب الله أنكم تكذبون به ولهذا قال قبله: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون * وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}





فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـَكِن لاّ تُبْصِرُونَ * فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ



يقول تعالى: {فلولا إذا بلغت} أي الروح {الحلقوم} أي الحلق وذلك حين الاحتضار، كما قال تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق. وظن أنه الفراق: والتفت الساق بالساق، إلى ربك يومئذ المساق} ولهذا قال ههنا: {وأنتم حينئذ تنظرون} أي إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت {ونحن أقرب إليه منكم} أي بملائكتنا {ولكن لا تبصرون} أي ولكن لا ترونهم، كما قال تعالى في الاَية الأخرى: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون * ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين} وقوله تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها} معناه فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول ومقرها من الجسد إن كنتم غير مدينين. قال ابن عباس: يعني محاسبين، وروي عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والسدي وأبي حزرة مثله

وقال سعيد ين جبير والحسن البصري {فلولا إن كنتم غير مدينين} غير مصدقين أنكم تدانون وتبعثون وتجزون فردوا هذه النفس، وعن مجاهد {غير مدينين} غير موقنين. وقال ميمون بن مهران: غير معذبين مقهورين





فَأَمّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنّاتُ نَعِيمٍ * وَأَمّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلاَمٌ لّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذّبِينَ الضّآلّينَ * فَنُزُلٌ مّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنّ هَـَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِينِ * فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ



هذه الأحوال الثلاثة هي أحوال الناس عند احتضارهم، إما أن يكون من المقربين أو يكون ممن دونهم من أصحاب اليمين، وإما أن يكون من المكذبين بالحق الضالين عن الهدى الجاهلين بأمر الله، ولهذا قال تعالى: {فأما إن كان} أي المحتضر {من المقربين} وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات {فروح وريحان وجنة نعيم} أي فلهم روح وريحان وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء أن ملائكة الرحمة تقول: أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {فروح} يقول راحة وريحان يقول مستراحة، وكذا قال مجاهد: إن الروح الاستراحة، وقال أبو حزرة: الراحة من الدنيا، وقال سعيد بن جبير والسدي: الروح الفرح، وعن مجاهد {فروح وريحان} جنة ورخاء وقال قتادة: فروح فرحمة، وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وريحان ورزق، وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة، فإن من مات مقرباً حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة، والفرح والسرور والرزق الحسن، {وجنة نعيم} وقال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه. وقال محمد بن كعب: لا يموت أحد من الناس حتى يعلم من أهل الجنة هو أم من أهل النار، وقد قدمنا أحاديث الاحتضار عند قوله تعالى في سورة إبراهيم: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} ولوكتبت ههنا لكان حسناً، من جملتها حديث تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يقول الله تعالى لملك الموت انطلق إلى فلان فائتني به فإنه قد جربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب، ائتني فلأريحه ـ قال ـ فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم أكفان وحنوط من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان ـ أصل الريحانة واحد ـ وفي رأسها عشرون لوناً لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك» وذكر تمام الحديث بطوله كما تقدم وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الاَية

قال الإمام أحمد: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا هارون عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {فروح وريحان} برفع الراء، وكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث هارون، وهو ابن موسى الأعور به، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديثه، وهذه القراءة هي قراءة يعقوب وحده وخالفه الباقون فقرءوا {فروح وريحان} بفتح الراء

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه سمع درة بنت معاذ تحدث عن أم هانىء، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضاً ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يكون النسم طيراً يعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها». هذا الحديث فيه بشارة لكل مؤمن، ومعنى يعلق يأكل، ويشهد له بالصحة أيضاً ما رواه الإمام أحمد عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي عن الإمام مالك بن أنس عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه». وهذا إسناد عظيم ومتن قويم

وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في رياض الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش» الحديث. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا همام ، حدثنا عطاء بن السائب قال: كان أول يوم عرفت فيه عبد الرحمن بن أبي ليلى رأيت شيخاً أبيض الرأس واللحية على حمار، وهو يتبع جنازة فسمعته يقول: حدثني فلان بن فلان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» قال: فأكب القوم يبكون، فقال: «ما يبكيكم ؟» فقالوا: إنا نكره الموت، قال: «ليس ذاك ولكنه إذا احتضر {فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنة نعيم} فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله عز وجل، والله عز وجل للقائه أحب {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم} فإذا بشر بذلك كره لقاء الله والله تعالى للقائه أكره»، هكذا رواه الإمام أحمد، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها شاهد لمعناه

وقوله تعالى: {وأما إن كان من أصحاب اليمين} أي وأما إذا كان المحتضر من أصحاب اليمين {فسلام لك من أصحاب اليمين} أي تبشرهم الملائكة بذلك تقول لأحدهم: سلام لك أي لا بأس عليك أنت إلى سلامة، أنت من أصحاب اليمين، وقال قتادة وابن زيد: سلم من عذاب الله وسلمت عليه ملائكة الله، كما قال عكرمة: تسلم عليه الملائكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين، وهذا معنى حسن، ويكون ذلك كقول الله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاَخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلاً من غفور رحيم} وقال البخاري {فسلام لك} أي مسلم لك أنك من أصحاب اليمين، وألغيت أن وبقي معناها كما تقول أنت مصدق مسافر عن قليل إذا كان قد قال إني مسافر عن قليل، وقد يكون كالدعاء له كقولك سقياً لك من الرجال إن رفعت السلام، فهو من الدعاء، وقد حكاه ابن جرير هكذا عن بعض أهل العربية ومال إليه والله أعلم

وقوله تعالى: {وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم} أي وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق الضالين عن الهدى {فنزل} أي فضيافة {من حميم} وهو المذاب الذي يصهر به ما في بطونهم والجلود {وتصلية جحيم} أي وتقرير له في النار التي تغمره من جميع جهاته. ثم قال تعالى: {إن هذا لهو حق اليقين} أي إن هذا الخبر لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحد عنه {فسبح باسم ربك العظيم} قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا موسى بن أيوب الغافقي، حدثني إياس بن عامر عن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {فسبح باسم ربك العظيم} قال: «اجعلوها في ركوعكم» ولما نزلت {سبح اسم ربك الأعلى} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اجعلوها في سجودكم» وكذا رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن المبارك عن موسى بن أيوب به، وقال روح بن عبادة: حدثنا حجاج الصواف عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة» هكذا رواه الترمذي من حديث روح، ورواه هو والنسائي أيضاً من حديث حماد بن سلمة، من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم به، وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي الزبير، وقال البخاري في آخر كتابه: حدثنا أحمد بن أشكاب حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» ورواه بقية الجماعة إلا أبا داود من حديث محمد بن فضيل بإسناده مثله،

آخر تفسير سورة الواقعة و لله الحمد والمنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abubaker.jordanforum.net
 
تفسير سورة الواقعة - من آية 41 - نهاية الآية (41- 96) 41-96
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الواقعة - من آية 27 - نهاية الآية (27- 41) 27-41
» تفسير سورة الواقعة - من آية 1 - نهاية الآية (1- 27) 1-27
»  تفسير سورة هود - من آية 25 - إلى نهاية الآية 49
» تفسير سورة يس - من آية 1 - إلى نهاية الآية 29
»  تفسير سورة يس - من آية 30 - إلى نهاية الآية 54

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: هدايات وإرشادات وتوجيهات إسلامية :: تفسير القران الكريم "ابن كثير"-
انتقل الى: